وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - من أكثر الناس قناعة وزهدًا في الدنيا، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عائشة رضي الله عنها: أنها قالت لعروة ابن أختها: «إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلَالِ ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَارٌ. فَقُلْتُ: مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟ قَالَتِ: الأَسْوَدَانِ: التَّمْرُ وَالْمَاءُ، إِلَاّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ لَهُمْ مَنَائِحُ، وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَبْيَاتِهِمْ، فَيَسْقِينَاهُ»(٢).
وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث أنس بن مالك: أن فاطمة نَاوَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كِسْرَةً مِنْ خُبْزِ شَعِيرٍ فَقَالَ:«هَذَا أَوَّلُ طَعَامٍ أَكَلَهُ أَبُوكِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ»(٣).
وفي الصحيحين من حديث أبي حازم قال: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ مِرَارًا يَقُولُ: وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ مَا شَبِعَ نَبِيُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَهْلُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تِبَاعًا مِنْ خُبْزِ حِنْطَةٍ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا (٤).
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل ربه أن يجعل رزقه كفافًا، أي مقدار حاجته فقط.
(١) صحيح مسلم شرح النووي (٦/ ٩٧). (٢) صحيح البخاري برقم (٦٤٥٩)، وصحيح مسلم برقم (٢٩٧٢). (٣) مسند الإمام أحمد (٢٠/ ٤٤٠) برقم (١٣٢٢٣)، وقال محققوه: حديث حسن. (٤) صحيح البخاري برقم (٥٣٧٤)، وصحيح مسلم برقم (٢٩٧٦) واللفظ له.