هريرة (١) عن النّبي صلى الله عليه وسلم، ولو صحّ إسناده عن الفرزدق لكان في الفرزدق نفسه مقال (٢)، وروي (٣) أيضا من طريق معاوية قال: سمعت رجلا يقول للنّبي صلى الله عليه وسلم: «يا ابن الذبيحين» في حديث ذكره فتبسّم النّبيّ صلّى الله عليه وسلم، ولو صحّ إسناد هذا الحديث لم تقم به حجّة، لأنّ العرب تجعل العمّ أبا، قال الله تعالى:
{قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهاً ااحِداً}(٤) الآية وقال تعالى: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ}(٥) وهما أبوه وخالته. ومن حجّتهم (٦) أيضا أنّ الله تعالى لمّا فرغ من قصّة الذّبيح قال (٧): {وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ.}
والجواب عنه من وجهين:
أحدهما أنّ البشارة الثانية إنّما هي بنبوّة إسحاق، والأول بولادته، ألا تراه يقول {(وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا)} ولا تكون النّبوّة إلا في حال الكبر، ونبيا نصب على الحال.
والجواب الثاني: أنّ قوله: {وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ} تفسير، كأنّه قال بعد ما فرغ من ذكر المبشّر به وذكر ذبحه وكانت البشارة بإسحاق كما روت (٨) عائشة
(١) أخرجه السيوطي في الدر المنثور: ٧/ ١٠٦ ونسبه لعبد بن حميد. (٢) قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان: ٤/ ٤٣٣: ضعفه ابن حبان فقال: «كان قذافا للمحصنات فيجب مجانبة روايته» قال ابن حجر: «قل ما روى». (٣) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره: ٢٣/ ٨٥، وأخرجه الحاكم في المستدرك: ٢/ ٥٥٤، قال الحافظ الذهبي: «سنده واه». وأخرجه الحافظ ابن كثير في تفسيره: ٧/ ٣٠ وقال: «حديث غريب جدا». وانظر: المقاصد الحسنة للسخاوي: ١٤. (٤) سورة البقرة: آية: ١٣٣. (٥) سورة يوسف: آية: ١٠٠. (٦) في نسخة (ز): «ومن حجته». (٧) سورة الصافات: آية: ١١٢. (٨) أخرج الترمذي في سننه: ٥/ ٢١٧ عن أبي يونس مولى عائشة قال: أمرتني عائشة رضي -