إعراب (١) واحد وهو نصب القليل على أنّه خبر كان والوقف عليه حسن ثم ابتداء {(مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ)} فما نافية لقليل الهجوع (٢) وكثيره فكانوا على هذا يقطعون الليل بالعبادة.
المعنى الثاني: أن يكون قصد الآية الإخبار بقلّة هجوعهم قاله الجمهور (٣)، ويتّجه عليه من الإعراب أربعة أوجه:
الأول (٤): أن تكون (ما) زائدة للتوكيد (وقليلا) مفعول مقدّم ب {(يَهْجَعُونَ)} والجملة خبر كان.
الثاني (٥): أن يكون الأمر كما ذكرنا غير أنّ {(قَلِيلاً)} منصوب على المصدر، والمعنى يهجعون هجوعا قليلا فحذف الموصوف الذي هو الهجوع وأقيمت الصفة مقامه التي هي القليل ثم قدّم على {(ما يَهْجَعُونَ)} وقدّم القليل في الوجهين لتوافق السجع وللاعتناء به.
إذ المدح إنّما حصل بقلّة الهجوع فقدّم ما هو أهمّ كقوله {إِيّاكَ نَعْبُدُ}(٦) وإياك أعني، والله أعلم.
الثالث (٧): أن تكون (ما) مع الفعل بتأويل المصدر، والمعنى كانوا قليلا
(١) ذكره مكي القيسي في مشكل إعراب القرآن: ٢/ ٣٢٣. (٢) أخرج الطبري في تفسيره: ٢٦/ ١٩٩ عن ابن عباس وإبراهيم والضحاك وابن زيد قالوا «أن الهجوع هو النوم» وفي اللسان: ٨/ ٣٦٧ مادة هجع قال: الهجوع: النوم ليلا ... وقيل نام بالليل خاصة، قال: والتهجاع: النومة الخفيفة. (٣) وهو اختيار الطبري والمفسرين. انظر: جامع البيان للطبري: ٢٦/ ٢٠٠، زاد المسير لابن الجوزي: ٨/ ٣٢، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ١٧/ ٣٦، تفسير القرآن العظيم لابن كثير: ٧/ ٣٩٤. (٤) انظر: مشكل إعراب القرآن: ٢/ ٣٢٣. (٥) انظر: مشكل إعراب القرآن: ٢/ ٣٢٣، وإعراب القرآن للنحاس: ٤/ ٢٣٩. (٦) سورة الفاتحة آية: ٥. (٧) انظر: مشكل إعراب القرآن: ٢/ ٣٢٣.