قال الفرّاء (١): العرب تخاطب الواحد مخاطبة الاثنين وذلك إذا أرادت تكرير الفعل فتقول: قوما يا رجل أي قم قم، فنابت الألف مناب تكرير الفعل، وأنشد على ذلك قول امرئ القيس (٢):
خليليّ مرّا بي على أمّ جندب (٣) ...
قال: وإنما خاطب واحدا، واستدلّ على ذلك بقوله:
ألم ترياني كلّما جئت طارقا (٤) ...
قال: فكذلك (ألقيا)، ومن هذا أيضا قول الشاعر (٥):
فإن تزجراني يا ابن عفان ازدجر ... وإن تدعاني أحم عرضا ممنّعا
ومنه قول الحجّاج: يا حرس اضربا عنقه، وقال منذر بن سعيد وطائفة (٦) وارتضاه الزّهراوي: إنّ (ألقيا) على بابه خطاب للسائق والشهيد إذ بشهادته يدخل النار، فكأنّ الشهيد ملقا له في النّار مع السائق، والله أعلم.
(١) انظر: معاني القرآن للفراء: ٣/ ٧٨، ٧٩. (٢) انظر: ديوان امرئ القيس: ٢٩. (٣) أم جندب هي زوجة امرئ القيس، وقال هذه القصيدة في زوجته أم جندب وتمام البيت هو: لتقضي لبانات الفؤاد المعذب (٤) البيت لامرئ القيس من نفس القصيدة وتمام البيت: وجدت بها طيبا وإن لم تطيب (٥) البيت لسويد بن كراع العقيلي، أبو ثروان، مخضرم، وكان شاعرا محكما. طبقات فحول الشعراء للجمحي: ١/ ٨٧٩، الإصابة: ٢/ ١١٩، والبيت في الصاحبي: ص ٣٦٣، واللسان: ٧/ ١٨٤ مادة (عرض). (٦) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير: ٨/ ١٦ وقال: وهو اختيار الزجاج. (٧) في الأصل هكذا: «الوليد بن المغيرة وكل من فعل مثل ففيه نزلت».وجملة: «وكل من فعل مثل» زيادة لا يستقيم بها المعنى، ولعلها خطأ من الناسخ حيث إن هذه الجملة ستأتي بعد ذلك. (٨) ذكره القرطبي في تفسيره: ١٧/ ١٧ وقال: حكاه الثعلبي عن ابن عباس رضي الله عنهما.