قال المؤلف معقباً على هذا: قال القاضي: وطرق هذا الحديث كثيرة، وقد قال مالك في من أتم في السفر: إنه بعيد في الوقت. فإن قيل: إن كان فرضه ركعتين فالزيادة فيها تبطلها كما تبطل الزيادة في الأربع، قلنا: الفرض ركعتين أقوى ما روي ونقل إلينا، ولسنا مثل من جاء بعد المائتين يقول: إنما خالفه لا يجوز البتة، لو قلنا أن يصلي أربعاً يعيد أبداً لكان عثمان وعائشة - رضي الله عنهما - ما صليا، وآراؤنا دون آرائهم، قال ابن مسعود - رضي الله عنه - وقد صلى خلف عثمان - رضي الله عنه - أربعاً: ليت حظي من أربع ركعتين، ولم ير الإعادة، وهذا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - يقول له ابن عباس: كنت معنا نقول لأبي بكر وعمر إن الخمس لنا بالكتاب والسنة حتى أفضي الأمر إليك فقسمته على ما قسماه، قال علي: إنهما تأولا كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وتأولنا ولسنا بتأويلنا أولى منهم بتأويليهم، فقسمتها على ما قسماها، وقال: قد كانا رشيدين وما أحب أن يؤثر عني خلافهما، فنحن ما أدركنا الوقت قلنا أيضاً بالأفضل، فإذا خرج الوقت لم نزر على الصحابة ونقول ما يكدح فيهم.
وعند قوله:{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ}(١). قال المؤلف: قال القاضي - رحمه الله -: وهذه الآية والله أعلم توجب ترك قتل الذراري، والنساء، والشيخ الفاني، ومعنى قوله:{قَاتِلُوا} اقتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم، ولا تقتلوا من لا فضل فيه لقتالكم، ألا تراه عز وجل قال:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}(٢) فكان هذا مانعاً من قتلهم.
(١) [سورة البقرة: الآية ١٩٠] انظر من هذه الرسالة ص: ٢٢٧. (٢) [سورة البقرة: الآية ١٩٠]