دمشق، ومر أبو أمامة (١)، فنزلتُ فاتبعته، فلما وقف عليهم دمعت عيناه، وقال: سبحان الله، ما يصنع الشيطان ببني آدم؟ كلاب جهنم شر قتلى تحت ظل السماء هؤلاء - ثلاث مرات - طوبى لمن قتلهم أو قتلوه، ثم التفت إلي وقال: يا أبا غالب إنك بأرض هم بها كثير فأعاذك الله منهم، قلت: رأيتك بكيت حين رأيتهم، قال: بكيت رحمة لهم، إنهم كانوا من أهل الإسلام، هل تقرأ سورة آل عمران؟ قلت: نعم، فقرأ:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ}(٢) حتى بلغ: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ}(٣) وإن هؤلاء كان في قلوبهم زيغ، فزيغَ بهم، ثم قرأ:{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا}(٤) إلى قوله عز من قائل: {فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}(٥) قلت: هم هؤلاء يا أبا أمامة؟ قال: نعم، قلت: من قِبلك تقول أم * شيء سمعته من النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: إني إذا لجرئ، بل سمعته لا مرة ولا مرتين، حتى عد سبعاً، ثم قال: إن بني إسرائيل تفرفوا على إحدى وسبعين فرقة، وإن هذه الأمة تزيد عليهم فرقة، كلها في النار إلا السواد الأعظم (٦).
(١) صدي - بالتصغير - ابن عجلان بن الحارث، ويقال: ابن وهب، أبو أمامة الباهلي مشهور بكنيته، روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعن: عمر، وعثمان وغيرهم، وعنه: أبو غالب، وشهر بن حوشب، سكن حمص وبها توفي سنة ٨١ هـ. [الاستيعاب: ٢/ ١٩٨، الإصابة: ٢/ ١٨٢]. (٢) [سورة آل عمران: الآية ٧] (٣) [سورة آل عمران: الآية ٧] (٤) [سورة آل عمران: الآية ١٠٥] (٥) [سورة آل عمران: الآية ١٠٧] * لوحة: ٧١/أ. (٦) رواه من طريق حماد بن زيد عن أبي غالب: الطبراني في المعجم الكبير: ٨/ ٢٦٨، والبيهقي في سننه: ... ٨/ ١٨٨ باب الخلاف في قتال أهل البغي من كتاب قتال أهل البغي. وقد روي من طرق أخرى عن أبي غالب، فرواه عنه: معمر، وحماد بن سلمة، وربيع بن صبيح، وحميد الخياط، وسفيان بن عيينة، وغيرهم. رواه الترمذي في سننه: سورة آل عمران من أبواب التفسير، وقال: هذا حديث حسن تحفة الأحوذي: ٨/ ٣٥١، وابن ماجة في سننه: ١/ ٣٤ باب ذكر الخوارج من المقدمة، وأحمد في مسنده: ٥/ ٢٥٣، ٢٥٦، والطيالسي في مسنده: ٢/ ٤٥٥، وعبد الرزاق في مصنفه: ١٠/ ١٥٢، والحميدي في مسنده: ٢/ ٤٠٤، وابن أبي شيبة في مصنفه: ٧/ ٥٥٣ ما ذكر في الخوارج من كتاب الجمل، وابن أبي حاتم في تفسيره: ٢/ ٥٩٤، والطحاوي في شرح مشكل الآثار: ٦/ ٣٣٨، وعبد الله بن الإمام أحمد في السنة: ٢/ ٦٤٣. وقد روي عن أبي أمامة من طرق غير طريق أبي غالب: أحمد في مسنده: ٥/ ٢٥٠، وعبد الله في السنة: ٢/ ٦٤٤، والطبراني في المعجم الكبير: ٨/ ١٢١، والحاكم في المستدرك: ٢/ ١٦٣ قتال أهل البغي، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.