هذا فإن اعترفت فارجمها? قال بكر: فصار هذان الخبران ناسخين للجلد في الثيب، وبقي الرجم على ما أنزل الله ـ تبارك وتعالى ـ إذ القتل يأتي على كل شيء" (١).
· الفقرة الرابعة: في المكي والمدني.
يرى المؤلف أن كل ما ورد في القرآن الكريم من مخاطبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالصبر على المشركين والصفح عن أذاهم فهو مكي، فإنه لما تكلم عن آية النحل:{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ}(٢) والقول بنزولها بعد معركة أحد، أعقب ذلك بقوله: " ولكن كل ما خاطب الله ـ تبارك وتعالى ـ به نبيه - صلى الله عليه وسلم - من هذه الآيات فمكي، فقد قال له بمكة:{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}(٣) في آي كثير من هذا الجنس"، ووجه ذلك أن الجهاد إنما شرع بعد الهجرة، أما قبلها فلم يؤمر بذلك، وإنما أمر بالعفو والصفح والصبر، وهذا المعنى أكده المؤلف ـ أيضا ـ عند قوله تعالى:{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا}(٤) حيث قال: " كانت الآيات الليِّنة تنزل بمكة {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}(٥) وما أشبه ذلك، فلما أخرجت قريش نبي الله - صلى الله عليه وسلم - والمهاجرين الأولين من مكة ووصل إلى المدينة، كان أول آية نزلت عليه يؤمر فيها بالقتال هذه الآيات {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}(٦) وكان
(١) ينظر من هذه الرسالة: سورة النور الآية رقم (٢). (٢) سورة النحل (١٢٦). (٣) سورة الأنفال (٣٠). (٤) سورة الحج (٣٩). (٥) سورة النحل (١٢٥). (٦) سورة الحج (٣٩).