قال الله عز وجل:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}(١).
لما دعا نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أبا لهب (٢) إلى الإسلام جعل يقول: تبا لك، فأنزل الله تبارك وتعالى:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ، }(٣) يعني خسرت يدا أبي لهب وخسر: {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ}(٤) وولده من كسب، ولذلك قالت عائشة: أحل ما أكل الرجل من كسبه، وولده من كسبه (٥)، وروته عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وروى عمارة بن عمير عن عمته عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ? ولد الرجل من أطيب كسبه، فكلوا من أموالهم? (٦).
والذي يوجب عندي تبسط الأب في مال ابنه والأكل منه، قول الله عز وجل:{أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آَبَاءَكُمْ}(٧) حتى بلغ: {صَدِيقِكُمْ} فذكر من ذكر ولم يذكر الأبناء، والأبناء أقرب الجماعة، فكان عندي مذكورا تحت قوله:{بُيُوتِكُمْ} بيت
(١) سورة المسد (١). (٢) هو: عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم، أبو عتبة عم الرسول - صلى الله عليه وسلم -، كني بأبي لهب لإشراق وجهه، وكان شديدا على النبي - صلى الله عليه وسلم - في أذيته، هو وامرأته أم جميل. ينظر: سيرة ابن هشام (١/ ٩٠). (٣) أخرجه البخاري [١٠٨٢ كتاب التفسير، سورة تبت يدا أبي لهب] عن ابن عباس رضي الله عنهما. (٤) سورة المسد (٢). (٥) أخرجه ابن أبي حاتم (١٠/ ٣٤٧٣) به. (٦) أخرجه ابن أبي شيبة [٤/ ٥١٦ كتاب البيوع، في الرجل يأخذ من مال ولده] وأحمد (٦/ ١٧٣) وابن ماجه [٢/ ٣٤ كتاب الإجارة، باب ما للرجل من مال ولده] وأبو داود [٣٥٢٩ كتاب الإجارة، باب في الرجل يجد عين ماله] والترمذي [٣/ ٧٦ كتاب النفقات، باب ما جاء أن الوالد يأخذ من مال ولده] وصححه، والحاكم [٢/ ٥٢ كتاب البيوع] وصححه، والبيهقي [٧/ ٤٨٠ كتاب النفقات، باب نفقة الوالدين] من حديث عمارة بن عمير، به. (٧) سورة النور (٦١)، وفي الأصل: ليس عليكم جناح أن تأكلوا من بيوتكم.