للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان تحريم الخمر من أجل أنها تسكر، وحرم القليل الذي لا يسكر، وأُدخل في معنى الكثير، والمطلقة فالرجل حي يقول: لم أدخل، وتقول هي: كذلك، ويجوز أن يعلم ذلك من غير جهتها، فأوجب الله حيث يكون الدخول من أجل الولد، وأسقطها حيث لا دخول وأباحها الأزواج، فعلم أن ذلك عبادة لعلة وأن أمر المتوفى عبادة وعلة، وليس ما كان عبادة لعلة يُشَبْه بما كان عبادة وعلة، وجب استيفاء ذلك للمتوفى، ألا ترى أنه لو شهد شاهدان على رجل بمال، لم يجز للحاكم أن يستحلف صاحب الحق على ذلك مع شاهديه، ولو قامت الشهادة على ميت لم يَحْكم بها الحاكم حتى يستحلف المشهود له على كل الوجوه، التي لو كان الميت باقيا فادعاها كان له ذلك، طلب الورثة ذلك أو لم يطلبوه، ولو أقروا بالمال عند الحاكم ـ أيضا ـ وأرادوا القضاء بحكم الحاكم، لم يحكم به حتى يستحلف؛ لأنه يحتاج أن يستوفي حقوق الميت؛ لأنه لا يأمن أن يأتي وارث يشارك هؤلاء الورثة، أو يأتي من هو أولى منهم، أو يأتي غريم آخر يستحق محاصة هذا الغريم فيما أخذ، فكل من جاء من هؤلاء قال للحاكم لو لم تستقص قبل أن تحكم، فلذلك وجب في المتوفى ما لم يجب للحاضر، ولذلك لم يجب استيفاء عدة المتوفى عنها.

فإن قيل: فالصغيرة؟ قلنا: الأصل عبادة وتعبد، وقد يجوز أن يكون الله ـ عز وجل ـ لما كان النشوء يختلف، فمنهن من يكون له خمس عشرة سنة دميمة، وابنة ثمان وتسع حسنة النشوء، ولم يكن للحمل حد، وجب أن لا يقع تمييز، ويدخل الجميع في الإيجاب، وجعل الباب بابا واحدا، ولم يوكل ذلك إلى حد، ولا مدخل للحاكم في العدد، وهي مردودة إلى أمانات الناس، فاستظهر الله للميت لعدمه بالإيجاب على الكل.

<<  <   >  >>