قال الله تبارك وتعالى:{لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً}(١).
روى زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار (٢)، عن أبي سعيد الخدري، قال: فلما أصبحنا ليلة نزلوا الحديبية قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى الصبح وصلينا معه، فلما انصرف حمد الله وأثنى عليه ثم قال: ? والذي نفسي بيده لقد غفر الله للركب الليلة أجمعين إلا رويكب واحد ليس منهم، قال فذهبنا ننظر فإذا أعرابي على قعود له قد نزل بين ظهراني القوم، ثم قال: إنه سيأتي قوم تحقرون أعمالكم مع أعمالهم، قلنا: يا رسول الله أهم خير منا؟ قال: لا، لو كان لأحدهم جبل من ذهب فأنفقه ما أدرك مد أحدكم ولا نصيفه، ثم قال بيده ألا إن هذا فصل ما بيننا وبين الناس {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}? (٣).
قال الشعبي: الفتح هاهنا الحديبية وهم الذين غفر لهم (٤).
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ? لا يدخل أحد ممن بايعني تحت الشجرة النار?
(١) سورة الحديد (١٠). (٢) هو: عطاء بن يسار بن الهلالي، أبو محمد المدني القاص، مولى ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث. ينظر: طبقات ابن سعد (٥/ ٨٨) وتهذيب التهذيب (٤/ ١٣٤). (٣) أخرجه الطبري في تفسيره (١١/ ٦٧٤) عن زيد بن أسلم بنحوه، وأخرج بعضه في الآحاد والمثاني (٤/ ٢٦٦) بنحوه. قال ابن كثير في تفسيره (٤/ ٤٧٨) عن هذا اللفظ الوارد عند الطبري: " وهو غريب بهذا السياق، والذي في الصحيحين من رواية جماعة عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد ذكر الخوارج: تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية الحديث". (٤) أخرجه الطبري في تفسيره (١١/ ٦٧٤) بنحوه.