كما قال أخو بني عدي العلاء بن زياد (١) استعمل صديقا له على عمل، فكتب إليه أما بعد: إن استطعت ألا تبيت إلا وظهرك خفيف، وبطنك خميص، وكفك نقية من دماء المسلمين وأموالهم، فإنك إذا فعلت ذلك لم يكن عليك سبيل {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ} الآية، فقال مروان: صدق ـ والله ـ ونصح، ثم قال: حاجتك يا أبا عبد الله؟ قلت: حاجتي أن تلحقني بأهلي، قال: نعم (٢).
قال بكر: وهذه الآية والذي قال فيها محمد بن واسع قول حسن، قصد به لأمر الآخرة (٣) لأنها مَقْصِده ومقصد أمثاله، ويدخل فيها من الفقه أمر الدنيا ـ أيضا ـ أن لكل مظلوم مقالا على الظالم، وسبيلا إلى مطالبته واستيفاء حقه، ألا ترى أنه قال سبحانه:{وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا}(٤).
(١) هو: العلاء بن زياد بن مطر بن شريح العدوي، تقدم. (٢) أخرجه ابن أبي شيبة [٧/ ٢٤٥ كتاب الزهد، باب ما قالوا في البكاء .. ] وابن أبي حاتم في تفسيره (١٠/ ٣٢٨٠). (٣) لوحة رقم [٢/ ٢٤٦]. (٤) سورة الإسراء (٣٣).