في كتابه ما يدل على هذا، قال الله ـ عز وجل ـ:{وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}(١) وقال: {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ}(٢) وقد قريء: {يُلْحِدُونَ} و {يَلْحَدُونَ}(٣).
وأما قوله:{بِإِلْحَادٍ} فهذه الباء تجعلها العرب صلة في الكلام، ويجعلون إثباتها وإسقاطها سواء، ومعنى إلحاد وبإلحاد واحد (٤) وكذلك ما، مثل قوله:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا}(٥) وقوله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ}(٦) فيجعلون ما صلة في الكلام، ويجعلون إثباتها وإسقاطها سواء (٧).
(١) سورة الأعراف (١٨٠). (٢) سورة النحل (١٠٣). (٣) قرأ حمزة: (يلحدون) في الموضعين بفتح الياء والحاء، ووافقه الكسائي في النحل، وقرأ الباقون في الموضعين بضم الياء وكسر الحاء. ينظر: التيسير للداني (١١٥) و (١٣٨). (٤) ينحو هذه الطريقة بعض المفسرين، فيجعلون حرف الباء صلة، وذهب بعض المفسرين إلى أن التعدية بحرف الباء ونحوه، له معنى خاص، قال ابن كثير في تفسيره (٣/ ٣٤٤) بعد أن ذكر هذا القول المشهور" والأجود: أنه ضمن الفعل هاهنا معنى: يهم، ولهذا عداه بالباء، فقال: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ)} أي يهم فيه بأمر فظيع من المعاصي الكبار ". (٥) سورة البقرة (٢٧). (٦) سورة آل عمران (١٥٩). (٧) ينظر مذاهب أهل العلم في إعراب حرف الباء: البحر المحيط (٦/ ٣٣٦) والدر المصون للحلبي (١/ ١٦٣).