هذا ومَنْ سأل الشَّهادة بصدق نِيَّةٍ أُعْطِيَهَا، وإن كان على فراشه، مُجَازَاةً لَهُ عَلَى صِدْقِ نيّته، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ سَأَلَ اللهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ، بَلَّغَهُ اللهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ"(١).
ومنها: الموت غازيًا في سبيل الله، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ الله فَهُوَ شَهِيدٌ، قَالَ: إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ، قَالُوا: فَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ الله فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ الله فَهُوَ شَهِيدٌ ... "(٢) فقتيل المعركة شهيد، ومن مات في سبيل الله بغير قتال شهيد، قال تعالى: {وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (١٥٧)} [آل عمران]، وهو موافق لقوله تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ (١٠٠)} [النّساء].
ومنها: الموت بالطّاعون (٣)، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ:"الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ"(٤). وعن عَائِشَةَ - رضي الله عنها -، أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الطَّاعُونِ فَقَالَ: "كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ الله عَلَى مَنْ يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ الله رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ،
(١) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٣/ص ١٥١٧) كِتَابُ الْإِمَارَةِ. (٢) المرجع السّابق. (٣) الطّاعون: وباء فسّره النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لعائشة - رضي الله عنها - لمّا سألته، فما الطّاعون؟ قال: "غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ" أحمد "المسند" (ج ٤٢/ص ٥٣/رقم ٢٥١١٨) إسناده جيّد. (٤) البخاري "صحيح البخاري" (ج ٤/ص ٢٤/رقم ٢٨٣٠) كِتَابُ الجِهَادِ وَالسِّيَرِ.