والسُّنَّة المذكورة المراد بها سُنَّة السَّبق إلى الصَّدقة الَّتي حثَّ عليها النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فالرَّجل الأنصاريّ أَوَّل مَنْ سَنَّ هذه السُّنَّة الصَّالحة، وهي المبادرة إلى الصَّدقة والاستجابة إلى الرَّسول - صلى الله عليه وسلم -، ثمَّ تتابع النَّاس واقتدوا به، فكان له مثل أجورهم.
فمن ابتدأ فعل طاعة واقتدى به غيره وتابعه عليها فقد سَنَّ سُنَّة حسنة، ولذلك فإنَّ خديجة - رضي الله عنها - لمّا سَبْقَت نِسَاءَ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَى الْإِيمَانِ سَنَّتْ ذَلِكَ لِكُلِّ مَنْ آمَنَتْ بَعْدَهَا، فتكون قد سَنَّتْ سنّة حسنة لَهَا بها مِثْلُ أَجْرِهِنَّ، وَقَدْ شَارَكَهَا فِي ذَلِكَ الصِّدِّيقُ - رضي الله عنه - بِالنِّسْبَةِ إِلَى الرِّجَالِ. وَجَمْعُ أبي بكر - رضي الله عنه - للقرآن الكريم الّذي كان مكتوبًا سنّة حسنة تعدُّ في مناقبه ...
ومَنْ دَعَا إِلَى هُدىً فله مِثْلُ أجر مَنْ تَبِعَهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ:"مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا"(٢).
وما ورد في الأحاديث هو مضمون ومدلول قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ... (١٢)} [يس].
(١) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٤/ص ٢٠٥٩) كتاب الْعِلْمِ. (٢) المرجع السّابق.