ويذهب حرّها أن تعلم بأنَّ كلّ مُقَدّر كَائِن، وأنَّ الرِّضا بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ حُلْوِهِ وَمُرِّهِ من أركان الإيمان، قَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ، قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِالله، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ"(١)، وقال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ... (١١)} [التّغابن]، وقال تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ... (٥١)} [التّوبة]، ولم يقل: علينا؛ تنبيهًا أَنَّ كلَّ ما يصيبنا لَنَا لا علينا.
ويذهب حرّها: أن تعلم أنَّ الله تعالى يحبُّ أن ترضى بقضائه، قال أَبُو الدَّرْدَاءِ - رضي الله عنه -: "إِنَّ الله إِذَا قَضَى قَضَاءً أَحَبَّ أَنْ يُرْضَى بِهِ"(٢)، وقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ -رحمه الله-: "مَا لِيَ فِي الْأُمُورِ هَوىً سِوَى مَوَاقِعَ قَضَى الله - عز وجل - فِيهَا"(٣). ولذلك كان من دعاء النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "وَأَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ بِالْقَضَاءِ، وَبَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ المَوْتِ"(٤).
ويذهب حرّها: معرفة حقّ الله تعالى في تلك المصيبة، وهو الحمد والاسترجاع والاحتساب، قال تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦)} [البقرة].
ويذهب حرّها: أن تعلم بأنَّ الخير قد يكون فيما تكره، فكم مِن نعمة في
(١) مسلم "صحيح مسلم" (ج ١/ص ٣٦) كِتَابُ الْإِيمَان. (٢) ابن قيّم الجوزيّة "زاد المعاد" (ج ٤/ص ١٧٨). (٣) ابن أبي الدّنيا " الرّضا عن الله بقضائه" (ص ٤٩). (٤) النّسائي "سنن النّسائي" (ص ٢١٣/رقم ١٣٠٦) صحيح.