فالنّياحة تحرم على أهل الميّت، وهي نوعان: نياحة بالأقوال، ونياحة بالأعمال. فالنّياحة تكون قولًا وفعلًا، فمن القول: الصِّيَاح الَّذي لا يمكن دفعه، والعويل والولولة، والدُّعاء بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ، والنَّدب بتعداد محاسن الميّت وفضائله بما يعظِّم المصاب.
ومن الفعل: اللَّطْم، وخمش الوجه وضربه، وشقّ الجيب، وحلق الشَّعر أو نتفه أو نفشه، وحثو التُّراب على الرَّأس وتعفيره، ونحو ذلك؛ لأنَّ هذا من النّياحة وَفيه تسَخُّط على قضاء الله تعالى وقدره.
وذكر البُخَارِيُّ فِي صَحِيحه تَعْلِيقًا فِي بَاب الْجَنَائِز، فَقَالَ:(بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَى المَيِّتِ) وقال عُمَرُ فِي نساءٍ اجْتَمَعْنَ يَبْكِينَ عَلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ - رضي الله عنه -: "دَعْهُنَّ يَبْكِينَ عَلَى أَبِي سُلَيْمَانَ مَا لَمْ يَكُنْ نَقْعٌ أَوْ لَقْلَقَةٌ"(١)، أي بشرط ألّا يصاحبه وضع التّراب على الرّأس، أو رفع الصَّوت.
وَالمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ، لأنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَتَوَعَّدَ عَلَيْهِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدِمَ يَوْمَ أُحُدٍ فَسَمِعَ نِسَاءً مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ يَبْكِينَ عَلَى هَلْكَاهُنَّ، فَقَالَ:"لَكِنْ حَمْزَةُ لَا بَوَاكِيَ لَهُ، فَجِئْنَ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ يَبْكِينَ عَلَى حَمْزَةَ عِنْدَهُ، فَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُنَّ يَبْكِينَ، فَقَالَ: يَا وَيْحَهُنَّ، أَنْتُنَّ هَاهُنَا تَبْكِينَ حَتَّى الْآنَ، مُرُوهُنَّ فَلْيَرْجِعْنَ وَلَا يَبْكِينَ عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ الْيَوْمِ"(٢).