أبو بكر - رضي الله عنه - عَلَى عَائِشَةَ - رضي الله عنها -، فَتَيَمَّمَ (قَصَدَ) رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُغَشًّى بِثَوْبِ حِبَرَةٍ (١)" (٢)، وقَالَتْ عائشة - رضي الله عنها -: "سُجِّيَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حِينَ مَاتَ بِثَوْبِ حِبَرَةٍ" (٣).
ويستثنى من ذلك المُحْرِم، فمن مات مُحْرِمًا لا يُغطّى رأسه ووجهه، وَلَا يُمَسّ طِيبًا، ويكفّن فِي ثَوْبَيْهِ اللَّذَيْنِ أَحْرَمَ فِيهِمَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما -، أَنَّ رَجُلًا كَانَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَوَقَصَتْهُ (٤) نَاقَتُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ... "اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ، وَلا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا" (٥).
ثالثًا: المبادرة إلى تجهيز الميت والخروج به:
ويستحبّ الإسراع في تجهيز الميت إذا تحقّق موته، قال تعالى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (٢١)} [عبس]، فعطف الفعل (أقبر) على الفعل (أمات) بِالْفَاءِ المفيدة للتَّرتيب والتَّعقيب مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ في الزَّمن، لأنَّه لا ينبغي أن يكون بين موته وإقباره تَرَاخٍ إلّا لضرورة. وقوله تعالى:{فَأَقْبَرَهُ} ... أي أمر أَنْ يُجْعَلَ في قبر يواريه، ولم يقل (فقبره) لأنَّ القابر هو الدّافن، والمقْبِر هو الله تعالى.
(١) كساء يمانيّ مُنَمَّر مخطّط. (٢) البخاري "صحيح البخاري" (ج ٦/ص ١٣/رقم ٤٤٥٢) كتاب مَنَاقِبِ الأَنْصَارِ. (٣) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٢/ص ٦٥١) كِتَابُ الْجَنَائِزِ. (٤) وقع عن راحلته فكسر عنقه. (٥) البخاري "صحيح البخاري" (ج ٣/ص ١٧/رقم ١٨٥١) كتاب جَزَاءِ الصَّيْدِ.