فيه: «إن شانئك هو الأبتر (١). فركب حمارا له- ويقال: بغلة له بيضاء- فلما صار بشعب من تلك الشعاب، وهو يريد الطائف، ربض به الحمار أو البغلة على شبرقة، فأصابت رجله شوكة منها فانتفخت حتى صار كعنق البعير. ومات. ويقال: إنه لما ربض به حماره أو بغلته، لدغ فمات مكانه. وكان ابنه عمرو يقول: لقد مات أبي وهو ابن خمس وثمانين سنة، وإنه ليركب حمارا له من هذه الدباب (٢) إلى ماله بالطائف، فيمشي عنه أكثر مما يركبه.
٢٨٧ - وقال الواقدي: مات العاص بعد هجرة النبي ﷺ إلى المدينة بأشهر، وهو ابن خمس وثمانين سنة. وكان يكنى أبا عمرو.
٢٨٨ - وحدثني محمد بن سعد قال: قلت للواقدي: قال الله ﷿ «إنا كفيناك المستهزئين (٣)»، وهذه السورة مكية. فقال: سألت مالكا وابن أبي ذئب عن هذا، فقالا: كفاه إياهم، فبعضهم مات، وبعضهم عمي فشغل عنه، وبعضهم كفاه إياه إذ هيأ الله له من أسباب مفارقته بالهجرة ما هيأ له.
قال: وقال غيرهما: كفاه الله أمرهم، فلم يضروه بشيء.
[النضر بن الحارث العبدري]
٢٨٩ - كان النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار يكنى أبا فائد. وكان أشد قريش مباداة للنبي ﷺ بالتكذيب والأذى. وكان صاحب أحاديث، ونظر في كتب الفرس، ومخالطة النصارى واليهود. وكان لما سمع بذكر النبي ﷺ وحضور وقت مبعثه، يقول: والله لئن جاءنا نذير لنكونن أهدى من إحدى الأمم. فنزلت فيه:
«وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم (٤)».