قال: وكان «يسار» هذا عبدا لإياد، فتعرض لابنة مولاه فزجرته.
فأتى صاحبا له فاستشاره في أمرها. فقال له: ويلك يا يسار كل من لحم الحوار، واشرب من لبن العشار، وإياك وبنات الأحرار. فقال: كلا، إنها تبسمت في وجهى. فعادوها، فقالت له: ائتني الليلة. فلما أتاها، قالت: ادن مني أشمك طيبا. فلما دنا، جدعت أنفه بسكين كانت قد أعدته، وأحدته، وكانت قد دفعت إلى وليدتين لها سكينتين، وقالت لهما: إذا أهويت لأجدع أنفه، فلتصلم كل واحدة منكما أذنه التي تليها. ففعلتا ذلك. فلما أتى صاحبه الذي استشاره، قال له: والله ما أدري أمقبل أنت أم مدبر. فقال يسار- ويقال هو يسار الكواعب-: هبك لا ترى الأنف والأذنين، أما ترى وبيص العينين؟ فذهبت مثلا.
٣٦ - وقال جميل بن عبد الله بن معمر العذري (١):
أنا جميل في السنام من معد … الدافعين الناس بالركن الأشد
وكان جميل مع الوليد بن عبد الملك في سفر. فقال له: انزل فارتجز.
فلما ارتجز بهذا الشعر، قال له: اركب، لا حملك الله. وذلك أنه ظن أن جميلا يمدحه كما مدحه راجز قبله، فقال (٢):
يا بكر هل تعلم من علاكا؟ … خليفة الله على ذراكا
ويقال إن جميلا لم يمدح أحدا قط. وقال جميل (٣) لبثينة بنت حبأ العذرية:
ربت في الروابي من معد وفضلت … على المحصنات الغر وهي وليد
وقال زيادة بن زيد العذرى (٤):
(١) ديوان جميل، ص ١٦٧، حيث: «في الذروة العلياء والركن الأشد»، راجع أيضا السهيلي (١/ ١٧) ومصعبا (ص ٦). (٢) مصعب (ص ٦) وعزاه إلى ابن العذرى. (٣) ليس في ديوانه المطبوع ولكن راجع السهيلي (١/ ١٧). (٤) مصعب (ص ٦).