وغيرها من الأدلة التي ذكرها المصنِّف - رَحَمَة اللهُ -، وهي كافية في إثبات صفة تكلّم الرَّبّ تعالى بصَوْت، ونُمِرُّ ذلك كما جاء، فلا نكيِّفُه، ولا نُشبِّهُه بصوتِ المخلوق (٢).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀:"واستفاضت الآثار عن النَّبي ﷺ والصَّحابة والتَّابعينَ ومن بعدهم مِنْ أئمة السُّنَّة أنَّه سبحانه ينادِي بصوتِ: نادى موسى، وينادي عباده يوم القيامة بصوتٍ، ويتكلم بالوحي بصوتٍ، ولم يُنقل عن أحدٍ من السَّلف أنَّه قال: إنَّ الله يتكلم بلا صوتٍ أو بلا حرفٍ، ولا أنَّه أنكر أنَّ الله يتكلم بصوتٍ أو بحرفٍ"(٣).
* ومن اعتقاد السَّلف أيضًا أنَّ كلامَه سبحانه مؤَلَّف من الحُروف، ولكنَّ بعض أهل البدع نازع في إطلاق لفظ (الحرف) وأنَّه يحتاج إطلاقه إلى دليل ..
وقد أورد الإمام ابن المحب ﵀ الحجج على صحة إطلاق هذه التسمية من السُّنَّة وآثار السَّلف، ومن ذلك:
١ - حديث ابن عباس ﵁:
قال: بَيْنَما جِبْريلُ قاعدٌ عِنْد النَّبيّ ﷺ، سَمِعَ نقِيْضًا مِنْ فَوقِه فَرَفَع رَأْسَهُ، فقال: هَذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَؤمَ لم يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ، فقال: هَذَا مَلَك نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنزِلْ إِلَّا الْيَوْمَ،
(١) رواه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله: ﴿إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (١٨)﴾، وباب ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ (٤٨٠٠) وَ (٤٧٠١). وسيأتي في قسم التحقيق برقم (٦٥٨). (٢) للاستزادة: انظر: قسم التحقيق، والجديع في "العقيدة السِّلفية في كلام رب البرية (ص ١٦٩). (٣) مجموع الفتاوى (١٢/ ٣٠٤ - ٣٠٥).