للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة، وفي ذلك الوقت يكون زوالها، وهو ما بين سنة ثمانين وسبع مائة إلى سنة تسع عشرة وثمان مائة، ويكون بسبب ذلك (a) قحط عظيم، وقلّة خير، وكثرة شرّ حتى تخرب (b) ويضعف أهلها.

قال: قران زحل والمرّيخ في برج الجدي يكون في سنة سبعين وسبع مائة، فتعد لكلّ مائة سنة من سني الهجرة ثلاث سنين، فيكون ثلاثا وعشرين سنة، تزيدها على سبع مائة وسبعين سنة، تبلغ سبع مائة وثلاثا وتسعين سنة، ففي مثلها من سني الهجرة يكون أوّل أوقات خراب القاهرة.

انتهى.

وتهذيب هذا القول أنّ زحل كلّما حلّ برج الجوزاء، اتّضعت أحوال مصر، وقلّت أموالهم، وكثر الغلاء والفناء عندهم بحسب الأوضاع الفلكيّة. وزحل يحلّ في برج الجوزاء كلّ ثلاثين سنة شمسيّة، فيقيم فيه نحوا من ثلاثين شهرا. وأنت إذا اعتبرت أمور العالم، وجدت الحال كما ذكر (c)، فإنّه كلّما حلّ زحل برج الجوزاء، وقع الغلاء بمصر.

وذكر أنّ القران العاشر تتّضع فيه أحوال القاهرة، ورأينا الأمر كما ذكر (c)، فإنّ القران العاشر كان في سنة ستّ وثمانين وسبع مائة، ومدّة سنيه عشرون سنة شمسيّة، آخرها سابع عشر رجب سنة سبع وثمان مائة. وفي هذه المدّة اتّضع حال القاهرة وأهلها اتّضاعا قبيحا.

ومن الأوقات المحذورة لها أيضا اقتران زحل والمرّيخ في برج السّرطان، ويكون ذلك في كلّ ثلاثين سنة شمسية، ويقترنان في سنة ثمان عشرة وثمان مائة، وفي مدّته تنقضي الأربع مائة والإحدى والستون سنة التي ذكر أنّها عمر القاهرة في سنة تسع عشرة وثمان مائة.

وشواهد الأحوال (d) اليوم تصدّق ذلك؛ لما عليه أهل القاهرة الآن من الفقر والفاقة وقلّة المال، وخراب الضّياع والقرى، وتداعي الدّور للسّقوط، وشمول الخراب أكثر معمور القاهرة، واختلاف أهل الدولة، وقرب انقضاء مدّتهم، وغلاء سائر الأسعار.

ولقد سمعت عمّن يرجع إليه في مثل ذلك، أنّ العمارة تنتقل من القاهرة إلى بركة الحبش، فيصير هنالك مدينة.


(a) بولاق: ذلك سببه.
(b) بولاق: تتخرب.
(c) بولاق: ذكرنا.
(d) بولاق: الحال.