ومنها أن الحسن أو الحسين أخذ تمرة من تمر الصدقة فجعلها فى فيه، فنظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخرجها من فيه وقال:(أما علمت)(٦٢٧) وفي بعض النسخ (ما علمت)(٦٢٨).
قلت: لا إشكال في هذا الحديث إلا في رواية من روى: "ما علمت".
فإن "أما" هذه مركبة من همزة الاستفهام، و"ما" النافية. وأفاد تركيبهما التقرير (٦٢٩) والتثبيت، فكأن قائل "أما فعلت" قائل: قد فعلت.
وأكثر ما يستعمل في هذا المعنى "ألم" كقوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ}(٦٣٠)، فيه معنى: شرحنا لك صدرك ولذلك عطف عليه {وَضَعْنَا} و {رَفَعْنَا}.
ومن روى "ما علمتَ" فاصله: أما علمت, وحذفت همزة إلاستفهام؛ لأن ألمعنى لا يستقيم إلا بتقديرها.
وقد كثر حذف الهمزة إذا كان معنى ما حذفت منه لا يستقيم إلا بتقديرها، كقوله تعالى {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ}(٦٣١). قال أبو الفتح وغيره (أراد: أو تلك نعمة)(٦٣٢).
ومن ذلك قراءة ابن (٦٣٣) محيصن {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ}(٦٣٤) بهمزة واحدة.
(٦٢٧) صحيح البخاري ٢/ ١٤٩. وفي ب: ما علمت، وفي د: اوما علمت. تحريف. (٦٢٨) لم أقف على هذه الرواية فى صحيح البخاري. ولعل ابن مالك اعتمد نسخة خرج منها لفظ الحديث. (٦٢٩) أد: التقدير. تحريف. (٦٣٠) الشرح ٩٤/ ١. وبعدها الأيات٢ - {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}. (٦٣١) الشعراء٢٦/ ٢٢ (٦٣٢) المحتسب، لأبى الفتح بن جني ١/ ٥٠. (٦٣٣) ب: أبي. تحريف. (٦٣٤) سورة البقرة ٢/ ٦. وينظر: المحتسب ١/ ٥٠ وتفسير ابن عطية ١/ ١٥٣ وإتحاف فضلاء البشر ص ٤٤ و ٤٥ و ١٢٨.