الثاني- أن يكون الأصل: ما كان يسرني (٥١٠)، فحذف "كان" وهو جواب "لو"، وفيه ضمير هو الاسم، و"يسرني" خبر.
وحذف "كان " مع اسمها وبقاءُ خبرها كثير في نثر الكلام ونظمه (٥١١).
فمن النثر قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (المرءُ مجزى بعمله، إنْ خيرًا فخيرَ وإن شرًا فشر (٥١٢). أي:(ن كان عمله خيرا فجزاؤه خيرَ، وإن كان عمله شرًا فجزاؤه شر.
ومن النظم قول الشاعر (٥١٣):
٩٠ - حَدبتْ علي بطون ضنة كلها ... إن ظالمًا فيهم وإن مظلوما
أي: إن كنت ظالمًا فيهم، وإن كنت مظلومًا.
وأشبه شيء بحذف "كان" قبل "يسرني" حذفُ "جعل" قبل "يجادلنا" في قوله تعالى {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ}(٥١٤) أي: جعل يجادلنا في قوم لوط (٥١٥) لأن "لما" مساوية لـ " لو" في استحقاق جواب بلفظ الماضي، فلما وقع المضارع في موضع الماضي دعت الحاجة إلى أحد أمرين: إما تأول المضارع بماض، وإما تقدير ماض قبل المضارع، وهو أولى الوجهين. والله تعالى أعلم.
٣ - الثالث: وقوع "لا" بين " أن " و "يمر" والوجه فيه أن تكون "لا" زائدة، كما هي في قوله تعالى {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ}(٥١٦) أي: ما منعك أن تسجد، لأنه امتنع
(٥١٠) ج: يسر. تحريف. (٥١١) ب: نظم الكلام ونشره. تحريف. (٥١٢) لم أقف فيما تيسر من كتب الحديث على هذا الشاهد. وجاء في كتاب سيبويه ١/ ٥٨ (وذلك قولك: الناس مجزيون بأعمالهم إن خيرًا فخير وإن شرًا فشرْا. وفيه شبه بما عده ابن مالك حديثًا نبويًا. (٥١٣) هو النابغة الذبيانى، ديوانه ص ١٠٣ وكتاب سيبويه ١/ ٢٦٢ ومعجم شواهد العربية ١/ ٣٣٧. (٥١٤) هود ٧٤/ ١١. وسقط من ب: عن إبراهيم. (٥١٥) كرر فى ب،: أي جعل يجادلنا في قوم لوط. (٥١٦) الأعراف ٧/ ١٢.