وقال عبد الكريم الجزري:" ما خاصم ورعٌ قَطُّ في الدين "(١).
وسمع الحسن قومًا يتجادلون، فقال:" هؤلاء مَلُّوا العبادة، وخفَّ عليهم القول، وقل ورعُهم فتكلموا "(٢).
وعن معن بن عيسى؛ قال: (انصرف مالك بن أنس يومًا من المسجد؛ وهو متكئ على يدي؛ فلحقه رجل يقال له: أبو الجويرية؛ كان يُتَّهم بالإرجاء؛ فقال:" يا أبا عبد الله، اسمع مِني شيئاً أكلمك به؛ وأحاجك، وأخبرك برأيي "، قال:" فإن غلبتني؟ " قال: " إن غلبتك اتبعتني "، قال:" فان جاء رجل آخر؛ فكلمنا فغلبنا؟ "، قال:" نتبعه "، قال مالك رحمه الله: يا عبد الله! بعث الله عز وجل محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بدين واحد؛ وأراك تنتقل من دين إلى دين، قال عمر بن عبد العزيز:" من جعل دينه غرضًا للخصومات؛ أكثر التنقل ") (٣).
وعن الحسن أن رجلاً أتاه فقال: يا أبا سعيد! إني أريد أن أخاصمك "، فقال الحسن: " إليك عني، فإني قد عرفت ديني، وإنما يخاصمك الشاك في دينه " (٤).
وقال الشافعي:
(كان مالك إذا جاءه بعض أهل الأهواء، قال: أما أنا فإني على بينة من ديني، وأما أنت فشاكّ، اذهب إلى شاكّ مثلِك فخاصمه).
وعن مهدي بن ميمون؛ قال: سمعت محمدًا -يعني ابن سيرين- وماراه رجل في شيء- فقال محمد: " إني أعلم ما تريد؛ وأنا أعلم بالمراء منك؛ ولكني لا أماريك " (٥).
(١) " الشريعة " (١/ ١٩١). (٢) انظر: " الحلية " (٢/ ١٥٧). (٣) " الشريعة " (١/ ١٨٩). (٤) " شرح أصول الاعتقاد " (٢/ ١٢٨) رقم (٢١٥). (٥) " الشريعة " (١٩٦/ ١).