وحضر ابن المبارك يومًا عند الثوري، فلم يتكلم بحرف حتى قام، فلما قام قال الثوري لأصحابه:" وددت أني أقدر أن أكودن مثلَه "(١).
وقال عبد الله بن أبي زكريا:" عالجت الصمت ثنتي عشرة سنة، فما بلغت منه ما كنت أرجو "(٢).
وعن مالك عن سعيد بن أبي هند، قال:" وجدت الصمت أشدَّ من الكلام "(٣).
وعن أرطاة بن المنذر قال:" تعلم رجل الصمت أربعين سنة، بحَصَاةٍ يضعها في فيه، لا ينزِعُهَا إلا عند طعام، أو شراب، أو نوم "(٤).
قال الإمام مُوَرِّقٌ العجلي:" تعلمت الصمت في عشر سنين، وما قلتُ شيئًا قط إذا غضبت، أندم عليه إذا زال غضبي "(٥).
الصمت سترٌ للعيوب:
ومن فضائل الصمت أنه يستر العيوب، فقد اجتمع قس بن ساعدة، وأكثم بن صيفي، فقال أحدهما لصاحبه:" كم وجدت في ابن آدم من العيوب؟ "، فقال:" هي أكثر من أن تُحصى، والذي أحصيته ثمانية آلاف عيب، ووجدت خصلة إن استعملها سترت العيوب كلها "، قال:" وما هي؟ "، قال:" حفظ اللسان "(٦).
استر العِيَّ ما استطعت بصمت ... إن في الصمت راحةً للصمُوت
(١) " تقدمة الجرح والتعديل " ص (٢٦٦). (٢) " الصمت " لابن أبي الدنيا ص (٣٠٣) رقم (٧١٣). (٣) " الزهد " لا بن أبي عاصم رقم (٣٦) ص (٣٠). (٤) " الصمت " لابن أبي الدنيا رقم (٤٣٥). (٥) " سير أعلام النبلاء " (٤/ ٣٥٤). (٦) " الأذكار النووية " ص (٢٨٧).