لو كانت الأخلاقُ صفاتٍ لازمةً، لا يمكن الإنسانَ تغييرُها ولا تبديلها ولا تهذيبها، لما أمر الشرع بالتخلي عن الأخلاق المرذولة، والتحلي بالأخلاق الفاضلة، قال تعالى:({لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦]، فلا تكليف إلا بمقدور، ولا تكليف بمستحيل، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (١٠)} [الشمس ٩: ١٠].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إِنما العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يُعطَه، ومن يتوقَّ الشر يوقَّه "(١)، وعن أبي ذر رضي الله عنه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أفضل الجهاد أن تجاهد نفسك وهواك في ذات الله عز وجل "(٢)، ومن هذا الجهاد جهاد " شهوة " الكلام؛ وذلك ببذل أقصى الوسع وغاية الجهد لصيانة اللسان، وكفه عن أذى الخلق.
وقد مر بك في الفصول السابقة كيف يعالج داء الغيبة بوسائل نعيد إجمالها والزيادة عليها، فمن هذه الأسباب:
الأول: علاج الأسباب التي تفضي إِلى الغيبة:
لأن علاج كل علة بمضادة أسبابها، ومن أسباب الغيبة:
١ - الحسد: الذي يدعو صاحبه إلى التشفي والانتقام بالقدح في الآخرين وانتقاصهم.
(١) أخرجه الخطيب في " تاريخه " (٩/ ١٢٧)، وحسنَّه الألباني في " الصحيحة " رقم (٣٤٢). (٢) تقدم تخريجه ص (٦٧).