عن أبي الجويرية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان قوم يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استهزاءً، فيقول الرجل:" من أبي؟ " ويقول الرجل، تضل ناقته:" أين ناقتي؟ " فأنزل الله فيهم هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا ..... } حتى فرغ من الآية كلها) (١).
وعن الزهريّ قال: أخبرني أنس بن مالك رضي الله عنه أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (خرج حين زاغت الشمس فصلّى الظهر (٢)، فلما سلّم قام إلى المنبر، فذكر الساعة، وذكر أن بين يديها أمورًا عِظامًا، ثم قال:" من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل عنه، فوالله! لا تسألوني عن شيء إِلا أخبرتكم به ما دمت في مقامي هذا (٣) " قال
(١) رواه البخاري في " صحيحه " رقم (٤٦٢٢) (٨/ ٢٨٠ - فتح). (٢) وروى البخاري (١٣/ ٤٣ - فتح) عن قتادة: أن أنسًا حدثهم قال: (سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أحْفَوْه بالمسألة، فصعد النبى - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم المنبر، فقال: " لا تسألوني عن شيء إلا بينت لكم "، فجعلتُ انظر يمينًا وشمالاً، فإذا كلّ رجلٍ، رأسه في ثوبه يبكي)، وفي رواية الطبري (٧/ ٨١): عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه - صلى الله عليه وسلم - (خرج وهو غضبان محمارٌّ وجهه حتى جلس على المنبر ... ) الحديث. (٣) قال الشاطبي رحمه الله: (وظاهر هذا المساق يقتضي أنه إنما قال: " سلوني " في معرض الغضب، تنكيلاً بهم في السؤال، حتى يروا عاقبة ذلك، ولأجل ذلك ورد في الآية قوله عز وجل: {إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} اهـ. من " الموافقات " (٤/ ٣١٦).