وبَيَّنَ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّ الغيبة المحرمة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" هل تدرون ما الغيبة؟ " قالوا: " الله ورسوله أعلم "، قال:" ذكرك أخاك بما يكره "، قيل:" أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ "، قال:" إِن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإِن لم يكن فيه فقد بَهَتَّه ") (١).
وعن المطلب بن عبد الله مرسلاً: (أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما الغيبة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أن تذكر من المرء ما يكره أن يسمع ") (٢) الحديث.
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنهم ذكروا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً، فقالوا:" لا يأكل حتى يُطعَمَ، ولا يَرْحَلُ حتى يُرْحَلَ له "(٣)، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " اغتبتموه "، فقالوا:" يا رسول الله، حدَّثْنا بما فيه "، قال:
(١) أخرجه مسلم (٢٥٨٩)، وأبو داود (٤٨٧٤)، والترمذي (١٩٣٤)، وقال: " حسن صحيح "، والدارمي (٢/ ٢٩٩)، والامام أحمد (٢/ ٢٣٠، ٣٨٤، ٣٨٦، ٤٥٨)، وغيرهم. (٢) أخرجه مالك في " الموطأ " ص (٦١٠) ط. الشعب، ووكيع في " الزهد " (٤٣٧)، ومن طريقه هناد السري في الزهد (١١٧٢) عن الأوزاعي، وابن المبارك في " الزهد " (٧٠٤)، وأورده السيوطي في " زوائد الجامع " من رواية الخرائطي في " مساوي الأخلاق " بلفظ: " الغيبة أن تذكر الرجل بما فيه من خَلْفِهِ " أي من ورائه دون علمه، رقم (١٤٧٠٢) " جامع الأحاديث " (٤/ ٦١٨)، وذكر الألباني في " الصحيحة " رقم (١٩٩٢) أنه وقف عليه في نسخة مصورة من مخطوطة " مساوي الأخلاق " بلفظ: " الغيبة أن يُذكر الرجل بما فيه من خُلُقه "، قال: " ما كنا نظن أن الغيبة إلا أن يذكره بما ليس فيه "، قال: " ذلك من البهتان "، كذَا وقع فيه (خلقه) بالقاف، ولعله أولى، وانظر: " التوبيخ والتنبيه " لأبي الشيخ الأصبهاني رقم (١٩٠) ص (٢١٧ - ٢١٨). (٣) والمعنى أنهم وصفوه بالكسل أو الضعف، حتى إنه لا يلي أموره بنفسه حتى يتولاها له غيره.