مِنْ شهرِ رمضانَ .. فإنّهما يَسْتَقْبِلان الصومَ، ولا قضاءَ عليهما فيما مَضَى.
(٧٧٧) قال: وأحِبُّ للصائمِ أن يُنَزِّهَ صيامَه عن اللَّفظِ (١) القَبِيحِ والمشاتَمةِ، وإن شُوتِمَ أن يَقُولَ:«إنّي صائمٌ»؛ للخبرِ في ذلك عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-.
(٧٧٨) قال: وللشيخِ (٢) الكبيرِ الذي لا يَسْتَطِيعُ الصومَ ويَقْدِرُ على الكفّارةِ أن يَتَصَدَّقَ عن كلِّ يومٍ بمُدٍّ مِنْ حِنْطَةٍ (٣)، وروي عن ابن عباسٍ في قولِه جل وعز:«وعلى الذين يُطَوَّقُونه فدية طعام مسكين» قال: «المرأة الهِمُّ والشيخُ الكبيرُ الهِمُّ يُفْطِران ويُطْعِمان لكلِّ يومٍ مسكينًا»(٤)، قال الشافعي: وغيرُه مِنْ المفسرين يَقْرَؤُها: {وعلى الذين يطيقونه}، وكذلك نَقْرَؤُها، ونَزْعُمُ أنّها نَزَلَتْ حين نَزَلَ فَرْضُ الصومِ ثُمّ نُسِخَ ذلك، قال: وآخِرُ الآيةِ يَدُلُّ على هذا المعنى؛ لأنّ اللهَ تَبارك وتعالى قال:{فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرًا} زاد على مسكينٍ: {فهو خير له}، ثُمّ قال:{وأن تصوموا خير لكم}[البقرة: ١٨٤]، فلا يَأمُرُ بالصومِ مَنْ لا يُطِيقُه، ثُمّ بيَّن فقال:{فمن شهد منكم الشهر فليصمه}[البقرة: ١٨٥](٥)، وإلى هذا نَذْهَبُ، وهو أشْبَهُ بظاهرِ القرآن.
(١) كذا ظاهر ما في النسخ «اللفظ القبيح»، ولعله: «اللغط القبيح»، وعليه يدل تفسيره في «الحاوي» (٣/ ٤٦٤) و «البحر» (٣/ ٢٩٤) بالغيبة والنميمة وما شابههما. (٢) كذا في ظ، وفي ز ب س: «والشيخ»، وبناء عليه حذفت في ب س كلمة «أن» الآتية عند قوله: «أن يتصدق»، ولكنها ثابتة في ز. (٣) لا شك أن الهرم العاجز عن الصوم لا يصوم، وفي وجوب الفدية عليه قولان: أظهرهما - الوجوب، ويحكى عن رواية البويطي وحرملة عدم الوجوب. انظر: «النهاية» (٤/ ٦١) و «العزيز» (٤/ ٥٠٣) و «الروضة» (٢/ ٣٨٢). (٤) «المرأة الهمة والشيخ الكبير الهم» يقال للشيخ إذا ولّى وهَرِمَ: «هِمٌّ وثِمٌّ»، و «قد انْهَمَّ وانْثَمَّ»: إذا ضعف وانحلت قواه، وأصله من قولهم: «انْهَمَّ الشحم»: إذا ذاب. «الزاهر» (ص: ٢٥٦). (٥) «شَهِدَ»؛ أي: حضر ولم يكن مسافرًا، ونصب الشهر؛ لأنّه جعله ظرفًا، فالمعنى: من كان منكم حاضرًا غير مسافر في شهر رمضان فليصمه. «الزاهر» (ص: ٢٥٦).