فقال:«مراسيل الحسن مستحسَنة عند الشافعي»(١)، كأنه -رحمه الله- رأى ذلك من الشافعي احتجاجًا بها، وليس ذلك بلازم؛ فإن المسألتين مما تواردت عليه الأدلة.
ومنها: معنى قول التابعي: «من السنة كذا»، قال الشافعي (ف: ٢٧٧٩): «والذي يُشْبِهُ قَوْلُ ابنِ المسيب: «سُنَّةٌ» أن تَكُون سُنَّةَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-»، قال عبدالله: هذا الذي عليه الأكثر من الشافعية، لكن الشافعي صرَّح برجوعه عنه في كتاب الردِّ على محمد بن الحسن وغيره (٢)، وقال الصيدلاني:«إن الشافعي في القديم كان يرى أن ذلك مرفوع إذا صدر من الصحابي أو التابعي ثم رجع عنه؛ لأنهم يطلقونه ويريدون سنة البلد»(٣).
ومنها: قاعدة زيادة الثقة في الحديث، وهذا الأصل لم يصرِّح به الشافعي في شيء من كتبه على شهرته عنه، لكن المُزَني نصَّ عليه وجعله قياس قوله، قال المُزَني (ف: ١٥٩): «قياسُ قولِه أنَّ الزيادةَ أوْلَى به في الأخبارِ، كما أخَذَ في التشهُّدِ بالزيادَةِ، وفي دُخولِ النبي -صلى الله عليه وسلم- البَيْتَ بزيادةِ أنَّه صلَّى فيه، وتَرَكَ مَنْ قال:(لم يَفْعَل)»، واستدلَّ على صحته في «كتاب الأمر والنهي»(ف: ٢٦) فقال: «من زاد في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه معناه فهو مثْبِتٌ، ومَن لم يأتِ به فليس بحجة على مَنْ أتى به»، وقال:«من زاد معنى عن رسول الله صلى الله عليه كان شاهدً، ومن لم يُثْبِتْه لم يكن له في ذلك معنى».
(١) انظر «النهاية» (٥/ ١٨٣، و ١٢/ ٤٨). (٢) انظر «مجرد مقالات الشافعي في الأصول» لمشاري الشثري (ص: ٢٣٥). (٣) انظر «تشنيف المسامع» للزركشي (٣/ ٢٢٩).