أبا حنيفة عن مسائل ويجيبه أبو حنيفة، فيقول له الأعمش: من أين لك هذا؟ فيقول: أنت حدثتنا عن إبراهيم بكذا، وحدثتنا عن الشعبي بكذا، قال: فكان الأعمش عند ذلك يقول: يا معشر الفقهاء، أنتم الأطباء ونحن الصيادلة» (١).
ويدل على مداوَمَة المُزَنِيِّ على النظر في فقه أبي حنيفة ما أخرجه الخليلي فقال:«سمعت عبدالله بن محمد الحافظ يقول: سمعت أحمد بن محمد الشُّرُوطِيّ يقول: قلت للطَّحَاوِيِّ: لِمَ خالفتَ خالك واخترتَ مذهب أبي حنيفة؟ قال: لأني كنت أرى خالي يديم النظر في كتب أبي حنيفة، فلذلك انتقلت إليه»(٢).
ومن شيوخ المُزَنِيِّ في فقه أهل المدينة: شيخ المالكية أصبغ بن الفرج (ت ٢٢٥ هـ)، وقد قال أبو بكر بن خُزَيْمَة:«سمعت يونس بن عبدالأعلى يقول: أنا ابن وهب، عن مالك: وسألت عن مَسِّ الذَّكَر فقال: أُحِبُّ الوضوء منه، قال: وسمعت يونُس أن أشهب بن عبدالعزيز أخبرهم عن مالك في رجل مَسَّ ذَكَرَه ثم صلَّى ولم يتوضأ وفات الوقت، قال: لا أرى عليه الإعادة، وسألت ابن عبدالحكم: من أعلم أصحابكم وأفقه أصحابكم؟ قال: نحن نقول: لم يكن منهم مثل أشهب بن عبدالعزيز، فسألت المُزَنِيَّ، فقال لي: عبدالرحمن بن القاسم أتبع الرجلين لصاحبه، وأشهب بن عبدالعزيز أفقه الرجلين، وابن وهب أعلم الثلاثة باختلاف المدنيِّين»(٣)، وهذا يدل على معرفة وافرة بفقه مالك ورجاله.
(١) انظر «الفقيه والمتفقِّه» (٢/ ١٦٣). (٢) انظر «الإرشاد» (١/ ٤٣١). (٣) انظر هامش «المختصر» (الفقرة: ٤٤)، وأخرج القسمَ الأخير منه البَيهَقيُّ في «المناقب» (٢/ ٣٥٦).