قال المزني: قد قال في «الحدود»[ف: ٣٢٣١]: «ولو قَذَفَ جماعةً كان لكُلِّ واحِدٍ حَدٌّ»، فكذلك لو لم يَلْتَعِنْ كان لكُلِّ امْرأةٍ حَدٌّ في قِياسِ قَوْلِه (١).
(٢٥٨٦) قال الشافعي: ولو أقَرَّ أنَّه أصابَها في الطُّهْرِ الذي رَماها فيه .. فله أن يُلاعِنَ، والوَلَدُ لها، وذَكَرَ أنّه قَوْلُ عطاءٍ، قال: وذَهَبَ بَعْضُ مَنْ يُنْسَبُ إلى العلم أنّه إنّما يُنْفَى الوَلَدُ إذا قال: اسْتَبْرأها (٢)، كأنّه ذَهَبَ إلى أنّ نَفْيَ وَلَدِ العَجْلانيِّ إذْ قال:«لم أقْرَبْها منذ كذا وكذا»، قيل: فالعَجْلانيُّ سَمَّى الذي رَأى بعَيْنِه يَزْنِي، وذَكَرَ أنّه لم يُصِبْها مُنْذُ أشْهُرٍ، ورَأى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَلامَةً تُثْبِتُ (٣) صِدْقَ الزَّوْجِ في الوَلَدِ، فلا يُلاعِنُ يَنْفي (٤) عنه الوَلَدَ إذًا إلّا باجْتِماعِ هذه الوُجُوه.
(٢٥٨٧) فإن قيل: فما حُجَّتُكَ في أنّه يُلاعِنُ ويَنْفِي الوَلَدَ وإن لم يَدَّعِ الاسْتِبْراءَ؟ .. قلت: قال الله عز وجل: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء} الآية [النور: ٤]، فكانَت الآيَةُ على كُلِّ رامٍ لمحْصَنَةٍ، قال الرّامِي لها:«رأيْتُها تَزْنِي» أو لم يَقُلْ: «رَأيْتُها تَزْنِي»، فإنّه يَلْزَمُه اسْمُ الرَّمْيِ، وقال:{والذين يرمون أزواجهم}[النور: ٦]، فكَانَ الزَّوْجُ رامِيًا، قال:«رأيْتُ» أو: «عَلِمْتُ» بغَيْرِ رُؤيَةٍ، وقد يَكُونُ الاسْتِبْراءُ وتَلِدُ منه، فلا مَعْنَى له ما كان الفِراشُ قائِمًا.
(٢٥٨٨) قال: ولو زَنَتْ بعد القَذْفِ، أو (٥) وُطِئَتْ وَطْئًا حرامًا .. فلا حَدَّ عليه ولا لِعانَ إلّا أن يَنْفِيَ وَلَدًا فيَلْتَعِنَ؛ لأنّ زِناها دَليلٌ على صِدْقِه.
(١) كذا في ظ ز س، وفي ب: «في القياس على قوله». (٢) كذا في ظ ب، وفي ز س: «استبرأتها». (٣) كذا في ظ س، وفي ز: «بينت»، وسقطت الكلمة رأسًا من ب. (٤) كذا في ظ، وفي ز ب س: «وينفي» بالواو، والأول أحسن. (٥) كذا في ز ب س، وفي ظ: «ولو».