واستعمال [اللام] مكان [إلى] كثير في اللغة العربية (١)، كقوله تعالى:{سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ}[الأعراف:٥٧] أي: إلى بلد، وقوله تعالى:{كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى}[الرعد:٢] أي: إلى أجل.
وتأمل في قول الله تعالى:{وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} الآية [الأعراف:٤٣]، فـ[هدى] يتعدى بـ[إلى]، كما قال تعالى: {وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٨٧)} [الأنعام:٨٧] فالهداية أوصلت صاحبها إلى الصراط المستقيم. والوصول موجود في معنى [إلى] و [اللام]، فـ[اللام] أقرب الحروف لفظاً ومعنىً إلى [إلى]، ولذلك جاز دخول كل واحدة منهما في موضع الأخرى، كقوله تعالى:{إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}[النساء:٦] أي: ادفعوا لهم (٢).
وذهب جماعة من العلماء إلى أن الفعل [أوحى] مضمن معنى: [أذن] منهم الواحدي (٣)، وأشار إليه البغوي (٤)، واستظهره ابن كثير (٥).
ولا تعارض بين القولين؛ فمؤداهما واحد، وليس تضمين أحدهما بأولى من الآخر (٦).
قال الطبري:(وتأويل الكلام على هذا المعنى: يومئذ تبين الأرض أخبارها بالزلزلة والرجة وإخراج الموتى من بطونها إلى ظهورها بوحي الله إليها وإذنه لها بذلك، وذلك معنى قوله: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (٥)} [الزلزلة:٥]، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل) (٧).
(١) ينظر: الجنى الداني ص ٩٩، مغني اللبيب ص ٢١٥، لسان العرب ٣/ ١٥٧. (٢) ينظر: رصف المباني ص ٢٩٧. (٣) الوجيز ٢/ ١٢٢٣. (٤) معالم التنزيل ٤/ ٤٨٣. (٥) تفسير ابن كثير ٨/ ٣٨٣٥. (٦) فعلى القول الأول: ضمنت [اللام] معنى [إلى]، وعلى الرأي الآخر: ضمن [أوحى] معنى [أذن]. (٧) جامع البيان ٢٤/ ٥٦٠.