٢ - أنه قد يتبادر للذهن أن معنى الاستعلاء لا يكون إلا حسياً، وليس كذلك، بل يأتي ويكون معنوياً، وهو كذلك في هذه الآية (١)، كما قال ابن هشام:(وقد يكون الاستعلاء معنوياً نحو: {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ}[الشعراء:١٤]، {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ}[الرعد:٦])(٢). والله أعلم.
١١١/ ٢ - قال ابن عقيل:({فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (١٥)}، المراد بها: موسى وهارون وفرعون، مستمعون ما تقولا ويقال لكما اهـ) (٣).
الدراسة:
هذا التفسير من إجابات ابن عقيل على من استدل بالآية على أن أقل الجمع اثنان (٤)، وقد سبق الحديث عن مثل هذه المسألة عند قوله تعالى: {وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨)} [الأنبياء:٧٨]، والاستدلال في هذه الآية على أن أقل الجمع اثنان يدخله الاحتمال، كما ذكر العلماء، قال النحاس:(ثم قال جل وعز: {فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (١٥)} [الشعراء:١٥]، يحتمل أن يكون {مَعَكُمْ} لموسى وهارون عليهما السلام؛ لأن الاثنين جمع كما قال تعالى:{فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ}[النساء:١١]، ويحتمل أن يكون لموسى وهارون والآيات، ويحتمل أن يكون لموسى وهارون ومن أرسل إليهم، قال أبو جعفر: الأول أولاها؛ ليكون المعنى: إنا معكم ناصرين ومقوين) (٥).
والاحتمال يضعف الاستدلال، وكذلك السياق يؤيد كلام ابن عقيل.
(١) ينظر: البرهان في علوم القرآن ٤/ ٢٨٤. (٢) مغني اللبيب ص ١٥٠. (٣) الواضح ٣/ ٤٣٠. (٤) حيث جعل ضمير الجمع يعود إلى موسى وهارون. (٥) معاني القرآن ٥/ ٦٧.