ثانيا: من أصناف المدعوين: الموالي والخدم: إن مما لا شك فيه أن من أصناف المدعوين الموالي والخدم، ونحوهم؛ ولهذا حَذَّر أمير المؤمنين عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مولاه من الظلم، وأمره بالشفقة على الفقراء فقال: واتقِ دعوة المظلوم؛ فإن دعوة المظلوم مستجابة، وأدخل رب الصريمة ورب الغنيمة ". وهذا يؤكد أهمية عناية المسلم وخاصة الداعية إلى الله - عز وجل - بمن تحت يده من الموالي والخدم وغيرهم: من دعوتهم إلى الخير وتحذيرهم من الشر، ومراقبتهم مراقبة دقيقة؛ لإِلزامهم بطاعة الله - عز وجل - وإبعادهم عن معصيته.
ثالثا: من موضوعات الدعوة: التحذير من الظلم: ظهر في هذا الحديث أن من موضوعات الدعوة المهمة تحذير الناس من الظلم؛ ولهذا قال عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لمولاه: " واتق دعوة المظلوم؛ فإن دعوة المظلوم مستجابة " وقد حذر الله - عز وجل - من الظلم فقال:{وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ - مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ - وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ - وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ}[إبراهيم: ٤٢ - ٤٥](١) وقال - عز وجل:{يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}[غافر: ٥٢](٢) وقال - عز وجل:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}[الشورى: ٤٠](٣) وقال سبحانه: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[لقمان: ١٣](٤).
وعن أبي ذر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - فيما يرويه عن الله تبارك وتعالى أنه قال:«يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا». . . " (٥).
(١) سورة إبراهيم، الآيات: ٤٢ - ٤٥. (٢) سورة غافر، الآية: ٥٢. (٣) سورة الشورى، الآية: ٤٠. (٤) سورة لقمان، الآية: ١٣. (٥) مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، ٤/ ١٩٩٤، برقم ٢٥٧٧.