ثامنا: من أساليب الدعوة: التأليف بالثناء عند أَمْنِ الفتنة: لا شك أن من أساليب الدعوة: التأليف بالثناء على المدعو أو غيره، وذكر بعض ما فيه من الفضائل؛ ليستزيد من الخير ويثبت عليه، بشرط أن لا يدخل عليه العجب فيفتتن بذلك، وقد أثنى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّْمُ - على سلمة - رضي الله عنه - بقوله:" ملكت فأسجح " والمعنى: قدرت فسهِّل وأحسن العفو (١) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وفي الحديث. . . استحباب الثناء على الشجاع ومن فيه فضيلة، ولا سيما عند الصنع الجميل؛ ليستزيد من ذلك، ومحلّهُ حيثُ يؤمَنُ الافتتان "(٢).
فينبغي مراعاة أحوال المدعوين في الثناء، فإن كان ينفع أثنى عليهم، وإن كان يجلب عجبا ترك (٣).
تاسعا: من وسائل الدعوة: الإعداد للجهاد بالتدريب على الرمي وغيره: ظهر في الحديث أهمية الرمي؛ لقول سلمة رضي الله عنه:" فجعلت أرميهم بنبلي، وكنت راميا " ولا زال - رضي الله عنه - يستخدم الرمي حتى استنقذ لقاح النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّْمُ؛ قال العلامة العيني - رحمه الله - في ذكره لبعض فوائد هذا الحديث:" وفيه فضيلة الرمي، على ما لا يخفى"(٤).
وهذا يؤكد أهمية تعلم الرمي وتعليمه إعدادا للجهاد في سبيل الله - عز وجل - (٥).
عاشرا: من معجزات الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّْمُ: الإخبار بالمغيبات: دل هذا الحديث على عَلَمٍ من أعلام النبوة؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّْمُ - لسلمة رضي الله عنه:" إن القوم يقرون في قومهم " والمقصود أنهم وصلوا إلى غطفان، وهم يضيفونهم فلا حاجة في الحال إلى البعث في الأثر؛ لأنهم لحقوا بأصحابهم (٦) وهذا
(١) انظر: فتح الباري لابن حجر، ٧/ ٤٦٣. (٢) المرجع السابق، بتصرف يسير جدا، ٧/ ٤٦٣. (٣) انظر: الحديث رقم ٦٧، الدرس السادس. (٤) عمدة القاري شرح صحيح البخاري، ١٤/ ٢٨٧. (٥) انظر: الحديث رقم٢، الدرس الثالث، ورقم ١٢٢، الدرس السابع عشر، ورقم ١٢٨، الدرس السابع. (٦) انظر: شرح الكرماني على صحيح البخاري، ١٣/ ٤١.