البر صلة الولد أهل ود أبيه " (١) ومن الأعمال الطيبة المباركة التي يوصل بها الوالدان بعد موتهما: الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما (٢).
١٠ - بر الوالدين لا يختص بأن يكونا مسلمين، بل حتى ولو كانا كافرين، يبرهما ويحسن إليهما قال الله عَزَّ وَجَلَّ:{وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}[لقمان: ١٥](٣). «وعن أسماء بنت أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا قالت: أتتني أمي راغبة (٤) في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أأصلها؟ قال: "نعم» قال ابن عيينة فأنزل الله تعالى فيها: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ}[الممتحنة: ٨](٥). ومن أعظم البر دعوتهما إلى الله عَزَّ وَجَلَّ وتعليمهما ما ينفعهما؛ لأنهما أحق الناس بالتوجيه مع الرفق والرحمة.
١١ - من عظم حقهما قرن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عقوقهما بالشرك بالله عَزَّ وَجَلَّ، فعن أبي بكرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ " ثلاثًا. قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "الإشراك بالله، وعقوق الوالدين" وجلس وكان متكئا فقال: "ألا وقول الزور" فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت» (٦) وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: «سئل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الكبائر قال: "الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وشهادة الزور» (٧).
(١) مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل صلة أصدقاء الأب والأم ونحوهما، ٤/ ١٩٧٩، برقم ٢٥٥٢. (٢) انظر: الحديث رقم ٨، الدرس الرابع. (٣) سورة لقمان، الآية: ١٥. (٤) راغبة: أي طامعة تسأل. انظر: جامع الأصول لابن الأثير، ١/ ٤٠٦. (٥) متفق عليه: البخاري، كتاب الأدب، باب صلة الوالد المشرك، ٧/ ٩٤، برقم ٥٩٧٨، ومسلم، كتاب الزكاة، باب فضل النفقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين ولو كانوا مشركين، ٢/ ٩٩٦، برقم ١٥٠٣، والآية من سورة الممتحنة: ٨. (٦) متفق عليه: البخاري، كتاب الشهادات، باب ما قيل في شهادة الزور، ٢/ ٢٥٤، برقم ٢٦٥٤، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الكبائر وأكبرها، ١/ ٩١، برقم ٨٧. (٧) متفق عليه: البخاري، كتاب الشهادات، باب ما قيل في شهادة الزور، ٣/ ٢٠٤، برقم ٢٦٥٣، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الكبائر وأكبرها، ١/ ٩١، برقم ٨٨.