أولا: من موضوعات الدعوة: الحض على لين الجانب بالقول والفعل: ظهر في هذا الحديث الحض والحث على لين الجانب مع المدعوين بالقول والفعل؛ ولهذا عندما قال اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم: السام عليك لم يعاقبهم، ولم يزد على قوله صلى الله عليه وسلم:" وعليكم " بل أنكر على عائشة - رضي الله عنها قولها: «عليكم ولعنكم الله وغضب الله عليكم " فقال صلى الله عليه وسلم: " مهلا يا عائشة، عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش». فينبغي للداعية أن يحض المدعوين على لين الجانب واللطف؛ قال الله - عز وجل - لموسى وهارون:{اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى - فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}[طه: ٤٣ - ٤٤](١) وقال سبحانه وتعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}[آل عمران: ١٥٩](٢).
ثانيا: من صفات الداعية " الرفق: إن الرفق من الصفات المهمة التي ينبغي أن يتصف بها الداعية؛ ولهذا رفق النبي - صلى الله عليه وسلم - باليهود في هذا الحديث، ولم يقابل قولهم القبيح ومقصدهم الفاسد بالعنف ولا بالفحش، وإنما رفق بهم ورد عليهم ما قالوا من حيث لا يشعرون بحكمة ولطف فقال: " وعليكم ". فينبغي للداعية أن يكون رفيقا، لينا سهلا؛ لأن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله (٣).
ثالثا: من آداب الداعية: إفشاء السلام ورده علي المسلمين،
ورده علي أهل الكتاب بقوله: " وعليكم ": إن إفشاء السلام ورده على كل مسلم من الآداب العظيمة، أما أهل الكتاب فلا يبْدَؤون بالسلام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه»(٤). ولكن إذا سلم أهل الكتاب فيرد عليهم
(١) [سورة طه، الآيتان: ٤٣ - ٤٤]. (٢) [سورة آل عمران، الآية: ١٥٩]. (٣) انظر: الحديث رقم ٧٦، الدرس الثالث. (٤) أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، في كتاب السلام، باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام، وكيف يرد عليهم، ٤/ ١٧٠٧ برقم ٢١٦٧.