فينبغي الاستعداد بكل ما يستطيعه المسلمون من قوة ثم المّوكل على الله، والاعتماد عليه، والضراعة بين يديه، والافتقار إليه وذلك من أعظم أسباب النصر والتمكين.
رابعا: من صفات الداعية: حسن الأدب في الجواب: دل الحديث على أن من الصفات الحميدة: حسن الأدب في الجواب وذلك أن رجلا قال للبراء رضي الله عنه: يا أبا عمارة أفررتم يوم حنين؟ قال:" لا والله ما ولَّى رسول الله ولكنه خرج شبَّان أصحابه وخفافهم حسَّرا ليس بسلاح فأتوا قوما رماة. . " قال الإِمام النووي رحمه الله: هذا الجواب الذي أجاب به البراء رضي الله عنه من بديع الأدب؛ لأن تقدير الكلام: فررتم كلكم يقتضي أن النبي صلى الله عليه وسلم وافقهم في ذلك، فقال البراء:" لا والله ما فر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن جماعة من الصحابة جرى لهم كذا وكذا "(١) وأوضح أن فرار من فر لم يكن على نية الاستمرار في الفرار، وإنما انكشفوا من وقع السهام (٢)؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:" وفي الحديث من الفوائد: حسن الأدب في الخطاب والإٍرشاد إلى حسن السؤال بحسن الجواب "(٣).
فينبغي للداعية أن يتحلَّى بحسن الأدب في الخطاب.
خامسا: من صفات الداعية: الاستنصار بالله عز وجل: إن من الصفات الحميدة الاستنصار وطلب الغوث والنصر من الله عز وجل؛ ولهذا قال البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم في قتاله في معركة حنين:«فنزل واستنصر» أي دعا وطلب النصر من الله سبحانه وتعالى؛ قال الإِمام النووي رحمه الله في فوائد هذا الحديث:" فيه استحباب الدعاء عند قيام الحرب "(٤) وهذا من سننه صلى الله عليه وسلم في الحروب وغيرها من الأمور المهمة، ومن ذلك ما فعله في يوم بدر، فعن
(١) شرح النووي على صحيح مسلم ١٢/ ٣٥٩. (٢) انظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر ٨/ ٢٨. (٣) المرجع السابق ٨/ ٣٢. (٤) شرح النووي على صحيح مسلم ١٢/ ٣٦٠.