ثانيا: أهمية المبادرة والمسارعة على الخير. دل هذا الحديث على المسارعة إلى الخير، قال الإمام النووي رحمه الله:" وفيه المبادرة إلى الخير "(١). والمسارعة والمبادرة إلى الخير من الأعمال الصالحة التي يبادر إليها أهل الإيمان وخاصة الدعاة إلى الله، سبحانه وتعالى، وقد أمر الله - عز وجل - بالمسارعة إلى الخير فقال:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}[آل عمران: ١٣٣](٢) وقال عز وجل {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}[الحديد: ٢١](٣).
وقد مدح الله السابقين إلى الخيرات، وعظم شأنهم فقال سبحانه وتعالى أثناء ذكره لصفات المؤمنين الكمَّل:{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ - أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}[المؤمنون: ٦٠ - ٦١](٤). وقال سبحانه وتعالى:{يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ}[آل عمران: ١١٤](٥).
وقال عز وجل في الثناء على زكريا وأهله:{إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}[الأنبياء: ٩٠](٦). وهذا يبين للداعية إلى الله عز وجل وغيره من المسلمين أهمية المبادرة إلى الخيرات والمسابقة إليها والمسارعة (٧).
ثالثا: من أساليب الدعوة: الترغيب: في هذا الحديث الترغيب في النية الصالحة، وأن العمل القليل الخالص
(١) شرح النووي على صحيح مسلم، ١٣/ ٤٨. (٢) سورة آل عمران، الآية: (١٣٣). (٣) سورة الحديد، الآية: (٢١). (٤) سورة المؤمنون، الآية: (٦٠ - ٦١). (٥) سورة آل عمران، الآية: (١١٤). (٦) سورة الأنبياء، الآية (٩٠). (٧) انظر: الحديث رقم ١٦، الدرس الثاني.