رحمه الله:" وهذا الحديث يدل على جواز الصلح على ما شرطه العدو عند ضعف المسلمين عن مقاومة عدوهم، وعند الحاجة إلى ذلك. . . " ثم قال رحمه الله: " واختلف في مقدار مدة الصلح حيث يجوز. فقال مالك: ذلك مفوض إلى اجتهاد الإمام، وحد الشافعي أكثره بعشرة أعوام بناء منه على صلح الحديبية؛ فإن كان عشر سنين "(١) وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في فوائد صلح الحديبية: " وفيها جواز صلح أهل الحرب على وضع القتال عشر سنين، وهل يجوز فوق ذلك؟ الصواب: أنه يجوز للحاجة والمصلحة الراجحة، كما إذا كان بالمسلمين ضعف وعدوهم أقوى منهم، وفي العقد لما زاد عن العشر مصلحة الإسلام "(٢) وسمعت سماحة العلامة ابن باز حفظه الله يقول على قول ابن القيم: " وهذا هو الصواب، فإذا رأى الإمام المصالحة عشرين سنة أو ثلاثين فلا حرج على حسب الحاجة "(٣) وهذا من وسائل الدعوة التي تعين المسلمين على التأهب والإعداد، والله أعلم.
الثالث عشر: من أصناف المدعوين: المشركون: إن الصلح الذي وقع بين النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والمشركين في هذا الحديث يدل على أن المشركين من أصناف المدعوين؛ ولهذا قال سهل بن حنيف رضي الله عنه:«اتهموا أنفسكم فلقد رأيتنا يوم الحديبية - يعني الصلح الذي كان بين النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والمشركين ولو نرى قتالا لقاتلنا». . . "، وهذا يؤكد مراعاة الأصلح في دعوة المشركين: من صلح، أو أخذ جزية، أو قتال لمن لم ينقد للإسلام ولم يدفع الجزية (٤).
الرابع عشر: من أصناف المدعوين: المسلمون: إن في قول سهل بن حنيف رضي الله عنه: " اتهموا رأيكم. . . " دعوة المسلمين:
(١) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ٣/ ٦٤٢. (٢) زاد المعاد في هدي خير العباد، ٣/ ٤٢١. (٣) سمعته من سماحته أثناء شرحه للفوائد واللطائف من غزوة الحديبية، من زاد المعاد، وذلك بتاريخ ٢٠/ ٥ / ١٤١٨ هـ، بجامع الأميرة سارة بالرياض. (٤) انظر: الحديث رقم ٩١، الدرس الثامن، ورقم ١٠٥، الدرس السابع.