وقال سفيان الثوري: من أكثر من ذكر القبر وجده روضة من رياض الجنة، ومن غفل عن ذكره وجده حفرة من حفر النار.
وقال أحمد بن حرب: تتعجب الأرض ممن يمهد مضجعه؛ ويسوي فراشه للنوم. وتقول: يا ابن آدم ألا تذكر طول رقادك في جوفي، وما بيني وبينك شيء؟
وقيل لبعض الزهّاد: ما أبلغ العظات؟ قال: النظر إلى محلة الأموات.
ولقد أحسن أبو العتاهية حيث يقول:
وعظتك أحداث صمت … ونعتك أزمنة خفت
وتكلمت عن أوجه تبلى … وعن صور سبت
وأرتك نفسك في القبور … وأنت حيّ لم تمت
وروي عن الحسن البصري أنه قال: كنت خلف جنازة فاتبعتها، حتى وصلوا بها إلى حفرتها، فنادت امرأة فقالت: يا أهل القبور لو عرفتم من نقل إليكم لأعززتموه؟ قال الحسن: فسمعت صوتا من الحفرة وهو يقول: قد والله نقل إلينا بأوزار كالجبال، وقد أذن لي أن آكله حتى يعود رميما. قال: فاضطربت الجنازة فوق النعش، وخر الحسن مغشيّا عليه.
***
[٣٩ - باب ما جاء في ضغط القبر على صاحبه وإن كان صالحا]
(النسائي) عن عبد الله بن عمر ﵁ عن رسول الله ﷺ قال: «هذا الذي تحرك له عرش الرحمن وفتحت له أبواب السماء، وشهده سبعون ألفا من الملائكة، لقد ضم ضمة ثم فرّج عنه» قال أبو عبد الرحمن النسائي: يعني سعد بن معاذ ﵁(١).
ومن حديث شعبة بن الحجاج بإسناده إلى عائشة أم المؤمنين ﵂ قالت: قال رسول الله ﷺ: «إن للقبر ضغطة لو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ»(٢).
(١) أخرجه النسائي (٤/ ١٠٠) وهو في «صحيح سنن النسائي» برقم (١٩٤٢). (٢) أخرجه أحمد (٦/ ٥٥، ٩٨) وهو في «الصحيحة» (١٦٩٥).