[٨١ - باب ما جاء في حشر الناس إلى الله ﷿ حفاة عراة غرلا، وفي أول من يكسى منهم وفي أول ما يتكلم من الإنسان]
(مسلم) عن ابن عباس ﵁ قال: قام فينا رسول الله ﷺ بموعظة فقال:
«أيها الناس! إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلا ﴿كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنّا كُنّا فاعِلِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٤] ألا وإن أول الناس يكسى يوم القيامة إبراهيم ﵇، ألا وإنه يؤتى برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: يا رب أصحابي! فيقول: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فأقول كما قال العبد الصالح: ﴿وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ﴾ إلى قوله: ﴿الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [المائدة: ١١٧، ١١٨] قال: فيقال إنهم لم يزالوا مدبرين مرتدين على أعقابهم مذ فارقتهم»(١). أخرجه البخاري أيضا.
(١) أخرجه البخاري (٣٣٤٩، ٣٤٤٧، ٤٦٢٥، ٤٦٢٦، ٤٧٤٠، ٦٥٢٤، ٦٥٢٥، ٦٥٢٦) ومسلم (٢٨٦٠) وأحمد (١/ ٢٣٥) والنسائي (٤/ ١١٧) والترمذي (٢٤٢٣) وغيرهم. ويستدلّ البعض - أمثال التيجاني - وغيره من أهل الجهل، بهذا على ارتداد أصحاب النبي ﵌، ولا وجه لاستدلالهم الفاسد، ولا مجال للتفصيل في هذا المقام، لكن أقول باختصار: قال الإمام النووي ﵀ في «شرح صحيح مسلم» (٢/ ١٣٩ - ١٤٠). «هذا مما اختلف العلماء في المراد به على أقوال: أحدها: أن المراد به المنافقون والمرتدون، فيجوز أن يحشروا بالغرة والتحجيل الثاني: أن المراد من كان في زمن النبي ﷺ ثم ارتدّ بعده. الثالث: أن المراد أصحاب المعاصي والكبائر الذين ماتوا على التوحيد، وأصحاب البدع الذين لم يخرجوا ببدعتهم عن الإسلام». اه. بتصرف. قلت: ومن ارتدّ بعد وفاة النبي ﵌، لا يطلق عليه اسم صحابي، فالمعروف في تعريف الصحابي، هو: من لقي النبي ﷺ وآمن به ومات على هذا الإيمان. وقد استدلّ الفيض الكاشاني وأبو علي الطبرسي - وهما من كبار مفسّري الشيعة - بهذا الحديث على تفسير قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ فقال الكاشاني: «في المجمع عن أمير المؤمنين ﵇ هم أهل البدع والأهواء والآراء الباطلة من هذه الأمة. وعن النبي ﵌؛ قال: «والذي نفسي بيده ليردن علي الحوض … » وذكر الحديث. انظر «تفسير الصافي» (١/ ٣٦٩). وقال الطبرسي - بعد أن ذكر الأقوال في تفسير الآية -: «ورابعها: أنهم أهل البدع والأهواء من هذه الأمة؛ عن علي ﵇، ومثله عن قتادة أنهم الذين كفروا بالارتداد، ويروى عن النبي -