يحب أن يسأل من ثوابه ويستعاذ من عذابه، فوافق مولاه في إيثاره، لا لحظّ نفسه كما قال ﵇ لأحد أصحابه الذي قال: أما أنا فأقول في دعائي: اللهم أدخلني الجنة وعافني من النار، ولا أدري ما دندنتك ولا دندنة معاذ. فقال له النبي ﷺ:«حولها ندندن»(١).
قلت: خرجه أبو داود في سننه وابن ماجه أيضا.
[فصل]
قال الحافظ ابن دحية أبو الخطاب: قوله: «صنفان من أهل النار لم أرهما» الصنف فيما ذكر عن الخليل: الطائفة من كل شيء، والسوط في اللغة: اسم للعذاب، وإن لم يكن له ثمّ ضرب، قاله الفراء.
وقال ابن فارس في «المجمل»(٢): السّوط من العذاب: النصيب، والسّوط:
خلط الشيء بعضه ببعض. وإنما سمّي سوطا لمخالطته. وإنما أراد النبي ﷺ عظم السياط وخروجها عن حد ما يجوز به الضرب في التأديب، وهذه الصفة للسياط مشاهدة عندنا بالمغرب إلى الآن وغيره.
وقوله:«نساء كاسيات عاريات»؛ يعني: أنهن كاسيات من الثياب، عاريات من الدين لانكشافهن وإبدائهن بعض محاسنهن.
وقيل: كاسيات ثيابا رقاقا يظهر ما خلفها وما تحتها، فهن كاسيات في الظاهر عاريات في الحقيقة.
وقيل: كاسيات في الدنيا بأنواع الزينة من الحرام وما لا يجوز لبسه، عاريات يوم القيامة. ثم قال ﵇:«مائلات مميلات» قيل: معناه زائغات عن طاعة الله تعالى وطاعة الأزواج، وما يلزمهن من صيانة الفروج والتستر على الأجانب، ومميلات يعلّمن غيرهن الدخول في مثل فعلهن.
وقيل:«مائلات» متبخترات في مشيهن، مميلات: يملن رؤوسهن وأعطافهن من الخيلاء والتبختر، ومميلات لقلوب الرجال إليهن لما يبدين من زينتهن وطيب رائحتهن.
وقيل: يتمشطن الميلاء، وهي مشطة البغايا، «والمميلات»: اللواتي يمشطن غيرهن المشطة الميلاء، قال ﷺ:«رؤوسهن كأسنمة البخت» معناه: يعظمن رؤوسهن بالخمر والمقانع ويجعلن على رؤوسهن شيئا يسمى عندهن التازة، لا
(١) أخرجه أبو داود (٧٩٢) وابن ماجه (٩١٠)، وصحّحه الألباني في «صحيح سنن ابن ماجه» (٧٤٢). (٢). (١/ ٤٧٨) مادة: سوط.