مسك، وهذه الطائفة العاملة أصحاب الكراسي هم الذين يطلبون الشفاعة من آدم ونوح حتى ينتهوا إلى رسول الله ﷺ.
وذكر الفقيه أبو بكر بن برجان في كتاب «الإرشاد» له: ويلهم رؤوس المحشر الطلب ممن يشفع لهم، ويريحهم مما هم فيه وهم رؤساء أتباع الرسل فيكون ذلك.
***
[٨٨ - باب ما جاء أن هذه الشفاعة هي المقام المحمود]
(الترمذي) عن أبي سعيد الخدري ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، قال: فيفزع الناس ثلاث فزعات فيأتون آدم فيقولون: أنت أبونا فاشفع لنا إلى ربك. فيقول: أنا أذنبت ذنبا فأهبطت به إلى الأرض ولكن ائتوا نوحا، فيأتون نوحا فيقول: إني دعوت على أهل الأرض دعوة فأهلكوا، ولكن اذهبوا إلى إبراهيم، فيأتون إبراهيم فيقول: إني كذبت ثلاث كذبات، ثم قال رسول الله ﷺ. ما منها كذبة إلا ماحل بها عن دين الله (١)، ولكن ائتوا موسى، فيأتون موسى فيقول: إني قد قتلت نفسا، ولكن ائتوا عيسى فيقول: إني عبدت من دون الله، ولكن ائتوا محمدا ﷺ، فيأتوني فأنطلق معهم». قال ابن جدعان: قال أنس فكأني أنظر إلى رسول الله ﷺ قال: «فآخذ بحلقة باب الجنة فأقعقعها فيقال: من هذا؟ فيقال: محمد، فيفتحون لي ويرحبون، فيقولون: مرحبا. فأخّر ساجدا لله، فيلهمني من الثناء والحمد فيقال لي: ارفع رأسك وسل تعط، واشفع تشفّع، وقل يسمع لقولك، وهو المقام المحمود الذي قال الله فيه:
﴿عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً﴾ (٢)[الإسراء: ٧٩] قال سفيان: ليس عن أنس إلا هذه الكلمة: فآخذ بحلقة باب الجنة فأقعقعها». قال الترمذي: حديث حسن.
وخرّجه أبو داود الطيالسي بمعناه عن ابن عباس ﵁ فقال: حدّثنا
(١) أي: خاصم وجادل بها عن دين الله، وماحل من المماحلة؛ أي: المجادلة. (٢) أخرجه أحمد (٣/ ٢) والترمذي (٣١٤٨) والحديث صححه الألباني في «الصحيحة» رقم (١٥٧١).