ناصح، وعليكم شفيق، فاعملوا في ظلمة الليل لظلمة القبر، وصوموا في الحر قبل يوم النشور، وحجوا يحط عنكم عظائم الأمور، وتصدّقوا مخافة يوم عسير.
وكان يزيد الرقاشي يقول في كلامه: أيها المقبور في حفرته، المتخلي في القبر بوحدته، المستأنس في بطن الأرض بأعماله، ليت شعري بأي أعمالك استبشرت وبأي أحوالك اغتبطت؟ ثم يبكي حتى يبل عمامته، ويقول: استبشر - والله - بأعماله الصالحة، واغتبط - والله - بإخوانه المعاونين له على طاعة الله، وكان إذا نظر إلى القبر صرخ كما يصرخ الثور.
وسيأتي أن القبر يكلم العبد إذا وضع فيه، وما فيه من الموعظة - إن شاء الله تعالى.
***
[٣٥ - باب ما جاء في اختيار البقعة للدفن]
(أبو داود الطيالسي) قال: حدّثنا سوار بن ميمون أبو الجراح العبدي، قال:
حدّثني رجل من آل عمر، عن عمر ﵁، قال: سمعت رسول الله ﷺ، يقول:«من زار قبري - أو قال: من زارني - كنت له شهيدا أو شفيعا، ومن مات بأحد الحرمين بعثه الله ﷿ في الآمنين يوم القيامة»(١). وخرّجه أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني عن حاطب، قال: قال رسول الله ﷺ: «من زارني بعد موتي فكأنما زارني حيّا في حياتي، ومن مات بأحد الحرمين، بعث من الآمنين يوم القيامة»(٢).
وخرّج البخاري ومسلم، عن أبي هريرة ﵁، قال: أرسل ملك
(١) أخرجه الطيالسي (٦٥) والبيهقي في «السنن الكبرى» (٥/ ٢٤٥) وفي «شعب الإيمان» (٣/ ٤٨٨ - ٤٨٩/ ٤١٥٣). من طريق سوار بن ميمون؛ حدثني رجل من آل عمر به. ووقع في «مسند الطيالسي»: «نوار بن ميمون» وهو تصحيف. وإسناده ضعيف جدا؛ لجهالة الراوي عن ابن عمر، وكذا جهالة سوار بن ميمون، فإني لم أجد من ترجمه. (٢) أخرجه الدارقطني في «سننه» (٢/ ٢٧٨) والبيهقي في «شعب الإيمان» (٤٨٨/ ٤١٥١/٣) من طريق: هارون أبي قزعة، عن رجل من آل حاطب، عن حاطب به. وهذا إسناد ضعيف جدا؛ لأجل هارون أبي قزعة، وجهالة الرجل من آل حاطب، انظر «الضعيفة» (١٠٢١) وإرواء الغليل» (٣٣٣/ ١١٢٧/٤).