كنت تقنط الناس من رحمتي في الدنيا وأنا أقنطك من رحمتي (١).
وقال مقاتل: قال علي بن أبي طالب ﵁: الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله تعالى، ولم يرخص لهم في معاصي الله ﷿.
***
١٢٩ - باب حفّت الجنة بالمكاره وحفّت النار بالشهوات
(مسلم) عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: «حفّت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات»(٢). خرّجه البخاري أيضا، والترمذي وقال فيه: حديث صحيح غريب.
وخرّج الترمذي عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال:«لما خلق الله الجنة أرسل جبريل إلى الجنة فقال: انظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها. قال: فجاءها ونظر إليها وإلى ما أعد الله لأهلها فيها قال: فرجع إليه وقال: وعزتك لا يسمع بها أحد إلاّ دخلها.
قال: فأمر بها فحفت بالمكاره فقال: فارجع إليها فانظر إلى ما أعددت لأهلها فيها. قال:
فرجع إليها فإذا هي قد حفت بالمكاره فرجع إليه فقال: وعزتك لقد خفت أن لا يدخلها أحد قال: اذهب إلى النار فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فإذا هي يركب بعضها بعضا فرجع إليه فقال: وعزتك لقد خفت ألا يسمع بها أحد فيدخلها فأمر بها فحفت بالشهوات فقال ارجع إليها فرجع إليها فقال: وعزتك لقد خشيت ألا ينجو منها أحد إلا دخلها» (٣) قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
[فصل]
المكاره: كلّ ما يشق على النفس ويصعب عليها عمله كالطهارة في السّبرات (٤)، وغيرها من أعمال الطاعات، والصبر على المصائب، وجميع
(١) انظر «الحلية» لأبي نعيم (٣/ ٢٢٢). (٢) أخرجه البخاري (٦٤٨٧) ومسلم (٢٨٢٢). (٣) أخرجه أحمد (٢/ ٣٣٢) والترمذي (٢٥٦٠) وغيرهما، وحسّن إسناده المحدث الألباني في تخريج «المشكاة» (١٥٨٧/ ٥٦٩٦/٣). (٤) السبرات: جمع سبرة، وهي الغداة الباردة، أو: شدّة البرد. «النهاية في غريب الحديث» (٢/ ٣٠١).