وذكر هنّاد بن السّريّ، حدّثنا محمد بن فضل، عن أبيه، عن ابن أبي مليكة قال:«ما أجير من ضغطة القبر أحد، ولا سعد بن معاذ، الذي منديل من مناديله خير من الدنيا وما فيها».
قال: وحدّثنا عبدة، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع قال:«لقد بلغني أنه شهد جنازة سعد بن معاذ سبعون ألف ملك، لم ينزلوا إلى الأرض قط». قال: ولقد بلغني أن رسول الله ﷺ قال: «لقد ضم صاحبكم في القبر ضمة»(١).
وخرّج علي بن معبد في كتاب «الطاعة والمعصية» عن نافع قال: أتينا صفية بنت أبي عبيد امرأة عبد الله بن عمر وهي فزعة. فقلنا: ما شأنك؟ قالت: جئت من عند بعض نساء النبي ﷺ، فحدّثتني أن رسول الله ﷺ قال:«إن كنت لأرى أن أحدا لو أعفي من عذاب القبر، لأعفي منه سعد بن معاذ لقد ضم فيه ضمة»(٢).
وخرج أيضا عن زاذان أن ابن عمر (٣) قال: لما دفن رسول الله ﷺ ابنته زينب جلس عند القبر فتربد وجهه، ثم سرّي عنه فقال له أصحابه: رأينا وجهك يا رسول الله تربّد آنفا، ثم سرّي عنك. فقال النبي ﷺ:«ذكرت ابنتي وضعفها، وعذاب القبر، فدعوت الله ففرّج عنها؛ وايم الله لقد ضمت ضمة سمعها ما بين الخافقين إلا الإنس والجن»(٤).
وخرج أيضا بسنده عن إبراهيم الغنوي، عن رجل، قال: كنت عند عائشة ﵂ فمرّت جنازة صبي صغير فبكت، فقلت لها: ما يبكيك يا أم المؤمنين؟ فقالت:«هذا الصبي، بكيت له شفقة عليه من ضمة القبر».
قلت: وهذا الخبر، وإن كان موقوفا على عائشة ﵂، فمثله لا يقال من جهة الرأي.
وقد روى عمر بن شبة في «كتاب المدينة»(٥) - على ساكنها أفضل الصلاة وأزكى السلام - في ذكر وفاة فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ﵁ قال (٦): بينما هو ﷺ في أصحابه أتاه آت،
(١) أخره ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (٣/ ٢٨٨) - ط. إحياء التراث العربي. (٢) أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (١/ ١٠٧)، وانظر «الصحيحة» (١٦٩٥). (٣) كذا؛ وفي «موضوعات» ابن الجوزي (٣/ ٥٤٢): «عن زاذان أبي عمر قال: … ». (٤) أورده ابن الجوزي في «الموضوعات» (٥٤٢/ ١٧٧٠/٣). (٥) هو كتاب: «أخبار المدينة»، هذا هو الصواب في اسم الكتاب، وما جاء على لوحة الكتاب المطبوع: «كتاب تاريخ المدينة المنورة» خطأ، ينظر في ذلك «طبقات النسّابين» للشيخ بكر أبو زيد ص ٦٦، و «كتب حذّر منها العلماء» للشيخ مشهور بن حسن آل سلمان (١/ ٥٧). (٦) القائل هو: جابر بن عبد الله ﵁، راوي الحديث.