يُخبر تعالى عن علمه بما يُنفقُ العبادُ من نفقةٍ صغيرةٍ أو كبيرةٍ، وما ينذرون من نذرٍ قليلًا كان أو كثيرًا، ويعلم تعالى نيَّاتهم في نفقاتهم ونُذورهم، والنذرُ: هو أَنْ يوجب الإنسانُ على نفسه ما لم يجب عليه في أَصل الشرعِ (١)، وقرن اللهُ بين النفقةِ والنذرِ؛ لأَنَّ النذرَ كثيرًا ما يكون في الصدقة من المال، فيكون عبادةً باعتبار المآل، وأَمَّا عقدُ النذر فإنه منهيٌّ عنه في السنَّةِ الصحيحةِ؛ من ذلك قولُه صلى الله عليه وسلم:((النذرُ لا يأتي بخيرٍ، وإنما يُستخرجُ به من البخيل)) (٢)، لكنْ مَنْ نذرَ طاعةً وَجبَ عليه الوفاءُ بنذره؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:((مَنْ نذرَ أَنْ يُطيعَ الله فليُطعه)) (٣)، وقولِه تعالى مُثنيًا على عباده:{يُوفُونَ بِالنَّذْرِ}[الإنسان: ٧].
وقولُه تعالى:{فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ}: جوابُ الشرط في قوله: {وَمَا أَنفَقْتُم}، فمعنى الآية: أَيُّ نفقةٍ أَنفقتموها وأَيُّ نذرٍ نذرتموه فاللهُ عالمٌ به وسيجزيكم به ثوابًا حسبَ ما يعلمه من نياتكم.
ثم أَخبر تعالى بحُكمِ إبداءِ الصدقات وإخفائها فقال تعالى:{إِنْ تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ}، وإبداءُ الصدقات: إظهارُها وإعلانُها، وإخفاؤها: الإسرارُ بها.
(١) ينظر: «التعريفات» (ص ٢٤٠)، و «المطلع على ألفاظ المقنع» (ص ٤٧٧). (٢) أخرجه البخاري (٦٦٠٨)، ومسلم (١٦٣٩) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. (٣) أخرجه البخاري (٦٦٩٦) من حديث عائشة رضي الله عنها.