يأمر اللهُ نبيَّه أن يُظهِرَ كذبَ اليهود في زعمهم أنَّ الدار الآخرة - وهي الجنة - لهم دون غيرِهم، ويُباهلهم بالدعاء بالموت على الكاذب منهم أو من المسلمين، وذلك في قوله: {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٩٤)}. وهذه الآية نظير قوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٦)} [الجمعة: ٦].
ثم أخبر تعالى أنهم لن يتمنوا الموت بسبب ما يعلمون من أنفسهم من قبيح ما قدَّمته أيديهم من الكفر والتكذيب والعصيان مما يستوجبون به عذابَ الله؛ فقال تعالى: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٩٥)}، وقال في الآية الأخرى مثل ذلك.
وتفسيرُ الآية بالمباهلة مرويٌّ عن ابن عباس بأسانيدَ صحيحة، قاله ابنُ كثيرٍ ورجَّحه (١)، وضعَّفَ القولَ بأنَّ مقصودَ الآية مُطالبتهم بتمني الموت لأنفسهم إن كانوا صادقين في زعمهم، ولا ريب أنَّ القول الأول أظهرُ (٢).
(١) ينظر: «تفسير ابن كثير» (١/ ٣٣١ - ٣٣٢). (٢) واختاره ابن القيم والسعدي. ينظر: «مدارج السالكين» (٢/ ٦٣٨ - ٦٣٩)، و «تفسير السعدي» (١/ ٧٨).